تحزم مئات ألوف العائلات الجزائرية أمتعتها مع كل صيف، ل«الحج» إلى تونس، بحثاً عن السياحة والاستجمام، تاركة وراءها بلداً له كثير من المقومات السياحية الجاذبة: مساحة أكبر بكثير من تونس، تنوع طبيعي واسع، ساحل يزيد عن 1200 كلم، عشرات الحمامات المعدنية الطبيعية، مواقع أثرية ضخمة ومتنوعة. ويرى حمودة (موظف حكومي) إنه لا يتخيل عدم ذهابه لقضاء عطلته مع العائلة في تونس، هو الذي دأب على ذلك منذ أكثر من 10 سنوات، ويقول: «ما توفره لنا تونس من ظروف للسياحة يفوق بكثير ما توفره لنا الجزائر، فإن كانت ميزانيتي تسمح لي بقضاء 15 يوماً في أفخم الفنادق في مدينة الحمامات أو مدينة سوسة، أنا وأسرتي الصغيرة، فإن الأمر يختلف تماماً في الجزائر، حيث الميزانية نفسها لا تفي لقضاء ليلتين اثنتين». الأمر نفسه يؤكده عادل (موظف): «قضيت 5 أيام مع وزوجتي وابني في أفخم فنادق مدينة الحمامات في تونس، بميزانية لم تتجاوز 28 ألف دينار جزائري (ما يعادل 260 دولاراً تقريباً)، فيما المبلغ ذاته لا يغطي مصاريف سوى ليلة واحدة أو ليلتين على أكثر تقدير في فندق شبيه نوعاً ما في الجزائر، وهو ما يجعلني أحبذ تونس على بلدي لقضاء عطلتي». لكن ما يدفع الجزائريين الى تفضيل تونس للسياحة، ليس فقط الفارق في الأسعار. مسعود عزالدين (موظف) يقضي إجازته الصيفية في تونس ليس فقط لأن الأسعار أقل، بل أيضاً لأنه راض تماماً عن نوعية الخدمات التي يستفيد منها: «ممتازة بدءاً من الفندق إلى المسبح وصولاً إلى الشاطئ الخاص، وكل هذا لا يجعلك تفكر في أي شيء سوى الاستمتاع بالعطلة، أما في الجزائر فإن مجرد التفكير في قضاء العطلة يحدث لك حالة طوارئ في مخيلتك، بدءاً من الغلاء الفاحش في أسعار الفنادق، مروراً بانعدام الخدمات، وصولاً إلى دفعك إتاوات مضاعفة كضريبة يفرضها بعض الشباب بغير حق لاستعمالك شمسية البحر، أو ركن سيارتك». وكانت وزارة السياحة التونسية توقعت على موقعها الإلكتروني، أن يتجاوز عدد الجزائريين الذين سيقصدونها في الصيف، المليون، وهو الرقم ذاته المسجل السنة الماضية. في شهر واحد (حزيران/يونيو) فقط من العام الماضي، زاد عدد السياح الجزائريين في تونس بنسبة 124 في المئة. وتؤكد تقارير إعلامية جزائرية دورياً، استناداً إلى مصالح الجمارك في المراكز الحدودية، أن آلاف الجزائريين يعبرون الى تونس في المناسبات، كالأعياد والعطل الطويلة. وعلى سبيل المثال، بلغ عدد هؤلاء 2500 في آخر ليلة من شهر رمضان الماضي، وأكثر من 10 آلاف في أول أيام عيد الفطر، فيما وصل طول طابور السيارات الى 6 كيلومترات. ويرى محمد ياسين (إعلامي) أنه إضافة إلى الأسعار والخدمة، أن إغلاق الحدود البرية الجزائرية- المغربية في وجه المتنقلين براً بين الدولتين منذ سنوات، «لم يترك خياراً إلا تونس، إضافة إلى ظهور وجهات سياحية جديدة، بدأ يقصدها الجزائريون على غرار مدينة اسطنبول التركية، التي أحصت سفارتها في الجزائر تسليم ما يزيد عن مائتي ألف تأشيرة للجزائريين، بعدما كان عدد التأشيرات لا يتجاوز 50 ألفاً مع نهاية عام 2010». ويضيف ياسين أن «وجهة أوروبا غير مستبعدة بالنسبة للجزائريين، بخاصة فرنسا، التي تتواجد فيها أكبر جالية جزائرية في القارة، إلا أن مشكلة استصدار التأشيرة يحول دون غزو الجزائريينلفرنسا». ويقدم الجزائريون آلاف طلبات التأشيرة سنوياً الى فرنسا، لكن قليلين منهم يحصلون عليها.