البحث عن وجهة سياحية لقضاء عطلة صيفية تجمع بين المتعة والاكتشاف بأقل التكاليف أو بما يتوافق والموازنة المخصصة للعطلة، معادلة يتم على أساسها اختيار الوجهة التي ستقصدها العائلة الجزائرية، التي أصبحت تفضل أكثر فأكثر بلاد العثمانيين على حساب الجارتين تونس والمغرب، في حين دخلت أجندة الميسورين وجهات كانت غير مقصودة كماليزيا وإندونيسيا وتايلندا وحتى كوبا. وفيما تظهر الأرقام الرسمية في الجزائر أن عدد السياح الذين يدخلون البلاد سنوياً يقدر بنحو 2.5 مليون، يعبر العدد نفسه من الجزائريين الحدود الى الخارج لقضاء عطلهم الصيفية. وعكس سنوات السبعينات والثمانينات، حيث كان الجزائري يقضي عطلته الصيفية إما في فرنسا التي كانت الوجهة المفضلة لأغلب الجزائريين أو في الدول الاشتراكية، فإن عادات الجزائريين السياحية قد تغيرت خلال العشرية الماضية، اذ أصبحوا يفضلون دول الجوار أكثر كالمغرب وتونس بحكم القرب الجغرافي وقلة التكاليف، إضافة إلى نوعية الخدمات التي يجدونها في البلدين الجارين، اذ تعد صناعتهما السياحية أكثر تطوراً مما تقدمه الوجهة الداخلية، على رغم أن الجزائر تزخر بإمكانات سياحية هائلة لم تستغل بالطريقة المثلى لأسباب عدة، منها اقتصادية واجتماعية وإلى وقت قريب أمنية، بالإضافة إلى أن الجزائر تعتمد على مداخيل النفط التي تناهز 97 في المئة من عائداتها. وبهدف قضاء شهر العسل أو السفر مع العائلة أو الأصحاب لقضاء أيام عطلة لتغيير الجو وتجديد الطاقة، يجد الجزائريون ضالتهم في الدول المحيطة كتونس والمغرب، لكن تركيا فرضت نفسها وأصبحت المقصد الأول للجزائريين على حساب تونس التي تراجعت أسهمها بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها الجارة الشرقية. ويقول المدير العام لوكالة «جميلة فواياج» محمد كاووش: «الوجهة التونسية تراجعت في شكل كبير بسبب الأوضاع الأمنية هناك، وغموض الوضع في هذا البلد جعل الكثير من الجزائريين ينفرون منها بعدما كانت وجهتهم الأولى». المسلسلات التركية ويضيف كاووش أن تركيا «احتلت الصدارة وبقوة مقارنة بالمقاصد السياحية الأخرى»، ويشير إلى دور المسلسلات التركية في الترويج لهذا البلد «الذي أصبح على رأس الاختيارات، إضافة إلى العلاقات التاريخية بين الجزائر والدولة العثمانية... إلى حد الآن عندنا 300 حجز إلى تركيا والكثير منهم يريدون زيارة القصور والأماكن التي تم تصوير المسلسلات التركية فيها». ويكشف مدير «جميلة فوياج» أن إسبانيا تأتي بعد تركيا كمنافسة لها، ويرجع ذلك إلى «تراجع الأسعار في هذا البلد بسبب الأزمة الاقتصادية التي تجتاحه، بالإضافة إلى تسهيل الحصول على التأشيرة بالنسبة الى الرعايا الجزائريين على خلاف السنوات الماضية». وفي خصوص قضية التأشيرات يقول محمد ملاح مدير الوكالة السياحية «دام تور» إن «صعوبة الحصول على التأشيرات للسياح الجزائريين الراغبين في زيارة الدول الأوروبية جعل خياراتهم محدودة بخاصة بالنسبة الى العائلات المتوسطة الدخل التي وجدت نفسها مجبرة على التوجه إلى تركيا أو المغرب». وفي ما يتعلق بوكالته، فإن الطلبات «تنحصر أكثر في الوجهة التركية واليونان بالإضافة إلى المغرب». ويتحدث ملاح عن ارتفاع تكاليف السفر إلى تركيا بخاصة في الصيف، حيث يصل ثمن التذكرة وحدها إلى 75 ألف دينار أي حوالى 700 دولار أميركي، في حين لا تتجاوز خلال الأيام العادية 400 دولار. ويتفق مديرا الوكالتين على حقيقة تراجع رغبة الجزائريين في التوجه إلى تونس. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الجزائريين الذين كانوا يقضون عطلتهم في تونس يقدر بحوالى 1.2 إلى 1.4 مليون سائح، لكن هذا العدد تقلص إلى حوالى النصف في السنة الماضية. لكن بعيداً عن تونس وتركيا وإسبانيا، اكتشف الجزائريون وجهات جديدة لم تكن موضوعة على خرائطهم السياحية خلال السنوات الماضية، ويتعلق الأمر بماليزيا وإندونيسيا وتايلندا، وكذلك كوبا كوجهة جديدة. ويرى ملاح - بحكم خبرته واتصاله المباشر بالسياح - أن مثل هذه الوجهات مقتصرة على الطبقة الميسورة والتجار، وأكثرهم يحجزون من أوروبا.