من هو الفقير في ألمانيا؟ هل هو من يعاني الجوع؟ أم من يحتاج إلى الدواء ولا يجد ثمنه؟ ما هي مواصفاته وكم هو عدد الفقراء؟ وماذا يُقدَّم لأجلهم؟ بحسب التعريف الإحصائي للفقير في ألمانيا، وأوروبا عموماً، فإن الأسر التي تعد فقيرة، هي تلك التي يقل دخلها عن 60 في المئة من الدخل المتوسط. وبمعنى آخر، فإن الشخص الفقير هو الذي لا يتجاوز دخله الشهري 850 يورو. أما الأسرة المكونة من شخصين بالغين وطفلين تحت سن 14 ويبلغ دخلها الشهري 1781 يورو، فتعد فقيرة أيضاً. ويرى محللون كثر أن الهوة بين الفقراء والأغنياء في ألمانيا هي إلى مزيد من التوسّع، وهذا ما يتناقض مع الاتجاه العام الذي من المفترض أن تتوجه ألمانيا صوبه. وكان المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر قال عام 2003: «هناك كثر يطالبون بإعادة هيكلة دولة الرفاه وتجديدها»، مؤكداً بذلك شعار «الرفاه للجميع». ولكن حالياً، يبدو أن هناك عدم رضا عاماً وتشكيكاً في مدى قدرة الدولة على تطبيق هذا الشعار، وجعله واقعاً. فاليوم، يوجد في ألمانيا نحو 12 مليون فقير. وبحسب آخر الإحصاءات، فٍإن 25 في المئة من الموظفين يعملون في وظائف غير ثابتة، ما يعني أنهم لا يتمتعون بالاستقرار الوظيفي اللازم. وبالتالي، تتجه ألمانيا نحو شكل المجتمع الطبقي، ما يهدّد بتفريغ البرامج الاجتماعية الداعمة من دورها القوي، بحسب رأي الخبراء والصحافيين الذين انتقدوا بشدة بيانات التقرير عن الفقر في ألمانيا. ويوضح التقرير الآلية التي يفكر فيها الفقراء تجاه الأغنياء، طارحين سؤالاً مهماً، هو: كيف جمع الأغنياء ثروتهم وأموالهم؟ إذ كشف التقرير أن 46 في المئة من الفقراء يعتقدون أن الأغنياء حصلوا على أموالهم من العائلة، بينما يرى 39 في المئة منهم أن العلاقات وشبكة الاتصالات هي السبب وراء ثراء هذا أو ذلك. أما 30 في المئة من الفقراء فعزوا الثراء إلى نظام التلاعب والظلم الاقتصادي. ورأى 25 في المئة أن السبب الرئيسي وراء ثراء البعض وفقر الآخر، هو نظام الاقتصاد الرأسمالي. وأظهر التقرير أن 60 في المئة من فقراء ألمانيا، يحصلون على دخل قليل من الحكومة، بموجب نظام الأمن الاجتماعي، ما يحقق لهم ثمن الطعام والشراب والقليل من اللباس. ومع هذا، تأخذ الكثير من الجمعيات والمؤسسات على عاتقها جزءاً من مسؤولية تقديم الطعام وتوفيره. ويعمل مشروع «من أجل رغيف الخبز» في برلين على توفير وجبات جيدة للمحتاجين. ويصر المسؤولون عن المشروع على ضرورة تقديم الطعام بكل احترام وتهذيب إلى المعوز، عاملين بمقولة: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان». كما تعمل شركات كثيرة على تقديم الخضر والفواكه واللحوم إلى هذا المشروع، والمشروعات المشابهة، لكي لا يعاني الفقير من الفقر والجوع معاً. إلى ذلك، ثمة متاجر (سوبرماركت) كثيرة تقدم مواد غذائية، من زبدة وخبز ولحوم وحليب، بأسعار مقبولة، شرط أن يمتلك المشتري «بطاقة خاصة» توضح أنه يستحق هذه المعونة. وتجذب هذه المتاجر الكثير من المواطنين والمهاجرين واللاجئين على حد سواء. مشكلة الفقر في ألمانيا لم تخرج حتى الآن عن حدود المقبول. وعلى رغم ذلك، يدق الصحافيون والمعارضون ناقوس الخطر، مشددين على ضرورة أن تسير ألمانيا إلى الأمام باتجاه «الرفاه»، معترضين على أي خطوة إلى الخلف... أو حتى المراوحة في المكان.