لم تمنع الإجراءات الأمنية المشددة وإغلاق الشوارع اختراق الجماعات المسلحة معظم المدن العراقية، وتفجير 20 سيارة مفخخة وعشرات العبوات في أوقات متزامنة، مخلفة 37 قتيلاً وأكثر من 270 جريحاً، ما دفع المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني إلى الإعراب عن قلقه من خطورة الوضع. وكان الغضب سيد الموقف في بغداد التي تعرضت أمس لهجمات بسبع سيارات مفخخة وسقط فيها نحو 79 قتيلاً وجريحاً، فيما أحصت حصيلة غير نهائية لضحايا تفجيرات مماثلة في بابل وصلاح الدين وكركوك وديالى والفلوجة والموصل وذي قار180 قتيلاً وجريحاً. وجاءت هذه التفجيرات قبل أيام من بدء الانتخابات المحلية في 12 محافظة. وكانت قوات الأمن أقامت عشرات نقاط التفتيش، وشنت حملات دهم واعتقلت العشرات في حملة استباقية استعداداً للانتخابات. وعلى رغم أن مطار بغداد يعد من النقاط الحساسة أمنياً وتتكثف المراقبة، إلا أن سيارة مفخخة اخترقت تلك الإجراءات وفجرت قرب مدخله الرئيسي الذي تعرض لقصف بقذائف هاون أيضاً. وبدت ردود الفعل على هجمات أمس مشابهة لتلك التي تسود بعد كل تفجير يتبناه تنظيم «القاعدة»، إذ حملت المعارضة الحكومة رئيسها نوري المالكي مسؤولية الأحداث، وحمل أنصار المالكي وقوات الأمن المعارضين المسؤولية. إلى ذلك، نقل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن كوبلر عن السيستاني الذي التقاه أمس في النجف قلقه من الأزمة التي تمر بها البلاد وقال: إن «المنظمة الدولية متفقة مع المرجع الديني على خطورة الوضع». وأشار إلى أن المرجع خول إليه الجلوس مع الأطراف السياسية وتسليمهم رسالة» تحضهم على الحوار لحل الأزمة. ويتصاعد التوتر السياسي في العراق مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات السبت المقبل، وتسعى الكتل الرئيسية إلى السيطرة على مجالس المحافظات واستخدامها ورقة ضغط في صراعها إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية مطلع العام المقبل. ويرى مراقبون أن حجم الحماسة للانتخابات المحلية يبرر الانتكاسات الأمنية المتلاحقة، فنتائجها معيار لقدرة كل أطراف الصراع. وجدد المالكي خلال تجمع انتخابي في البصرة أمس مطالبته بمجالس غالبية سياسية تحكم المحافظات، وتمهد لحكومة غالبية تتولى السلطة المركزية يشكلها بعد الانتخابات العامة، فيما يسعى معارضوه إلى حكومة توافقية تمثل الأطراف الرئيسية الممثلة للقوميات والمذاهب، أو التوجه إلى تشكيل أقاليم فيديرالية جديدة. من جهة أخرى، سجلت شبكة «شمس» المعنية بمراقبة الانتخابات خروقات. وكشفت في تقرير أن «الناخبين العسكريين جاؤوا إلى مراكز الاقتراع بصحبة ضابط مسؤول وهو ما يعد إلزاماً بالتصويت ويخرق الحق الدستوري للناخب في ممارسة حقه الانتخابي أو الامتناع عنه». وأضاف أن «ضباطاً كباراً من الجيش والقوات الأمنية وجهوا الناخبين من بالتصويت لقوائم معينة، وهناك أدلة تم تثبيتها في بعض المحافظات». ولفت التقرير أيضاً إلى أن «حرمان بعض الناخبين من التصويت لعدم وضوح أسمائهم في السجل الانتخابي، أو لوجود أسمائهم في السجل لكن في مراكز ومحطات انتخابية في محافظات أخرى، وكان وجودهم في غير مكان التصويت لتكليفهم بواجبات استدعت هذا الانتقال من مقر إقامتهم». إلى ذلك، قال الناطق باسم المفوضية صفاء الموسوي ل «الحياة» إن «المفوضية أكملت استعداداتها لإجراء الاقتراع العام»، وأضاف أن عدد الناخبين المشمولين بالاقتراع يبلغ 16 مليون و 200 ألف ناخب في عموم البلاد باستثناء إقليم كردستان ومحافظة كركوك. وأوضح أن «الصمت الانتخابي سيكون في 19 الشهر الجاري وستبدأ عملية عد وفرز الأصوات الخاصة بالاقتراع العام والخاص معاً في 21 هذا الشهر في مكاتب المفوضية الرئيسية في كل محافظة».