لم تكسر الهجمات الصاروخية التي انطلقت فجر أمس، مستهدفة مراكز الإقتراع، إرادة العراقيين بممارسة حقهم في الانتخاب، متحدين تنظيم «القاعدة»، ومتجاوزين الإنقسامات المذهبية في بعض المناطق، ووصلت نسبة المقترعين إلى اكثر 55 في المئة. وإنتهت الإنتخابات وسط ترحيب أوروبي وأميركي ب»شجاعة» الناخبين الذين «تحدوا التهديدات للمضي قدما في ديموقراطيتهم»، على ما قال الرئس باراك أوباما، على رغم الهجمات وقذائف الهاون التي أسفرت عن سقوط 38 قتيلاً وأكثر من مئة جريح. وأجمعت تقارير منظمات مراقبة الانتخابات على تقاسم قوائم «العراقية» بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، و»ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، و»الائتلاف الوطني» بزعامة عمار الحكيم اصوات الناخبين في مدن الجنوب الشيعية. لكن وزير الخارجية هوشيار زيباري توقع عدم استطاعة أحد الفوز بالأكثرية «لذا سيضطر الجميع إلى تشكيل تحالفات لتشكيل الحكومة المقبلة». وفي تمام الساعة الخامسة عصر أمس اغلق 8312 مركزا انتخابيا، بعد 10 ساعات من الإقتراع الذي بدأ ضعيفا اول النهار وتصاعد خلال الساعات اللاحقة، بنسبة اقبال تجاوزت 55 في المئة، حسب التوقعات الأولية، فيما أكد اطراف عديدون أنها تجاوزت 60 في المئة. وبلغت نسبة المشاركة في محافظة ديالى نحو 90 في المئة و64 في المئة في الانبار واكثر من 65 في المئة في نينوى واكثر من 62 في المئة في صلاح الدين. في المقابل، راوحت النسب في المحافظات الشيعية بين 46 في المئة في واسط و64 في المئة في المثنى، وكانت نحو 55 في المئة في المناطق الاخرى. اما في كركوك المتعددة القوميات فقد بلغت النسبة 70 في المئة في حين سجلت نسبة 76 في المئة في محافظة اربيل ونحو 60 في المئة في محافظة السليمانية. واعلن الاطراف السياسيون الرئيسيون فوزهم. واجمعت تقارير على تقاسم علاوي والمالكي والحكيم اصوات الناخبين في في الجنوب، وشاركت الزعماء الثلاثة في بغداد قائمتا «ائتلاف وحدة العراق» و»جبهة التوافق» بدرجات متفاوتة. وتقدمت قائمة علاوي في الموصل وصلاح الدين وديالى والانبار، حيث شاركتها كتلة «ائتلاف وحدة العراق» التي يتزعمها وزير الداخلية جواد البولاني، فيما كانت قائمة «التحالف الكردستاني» حاضرة بقوة في اقليم كردستان. لكن االتقدير الاولي يشير الى ان علاوي والمالكي متقاربان في حظوظ نيل العدد الاكبر من مقاعد البرلمان، وهما الاوفر حظا ايضا في في الوصول إلى رئاسة الحكومة. وكان نحو 30 صاروخا وقذيفة هاون، وعدد من العبوات انفجرت في ساعات الصباح الاولى مخلفة 38 قتيلا وأكثر من مئة جريح، ساهمت في تردد الناخبين الذين تحدوا المهاجمين وتهديد تنظيم «القاعدة»، وتدفقوا على مراكز الإقتراع بكثافة بعد التاسعة، على رغم إعلان تنظيم «القاعدة» حظر التجول وتأكيد سعيه لعرقلة الإنتخابات. وكانت منظمات دولية ومحلية لمراقبة الانتخابات سجلت خروقات متفاوتة اعتبرت حتى ساعة اغلاق الصناديق «محدودة»، فيما استمرت المخاوف من التزوير في عمليات العد والفرز الاولية التي يفترض ان تكتمل وتضاف اليها أصوات العسكريين والسجناء والعراقيين في الخارج لتعلن النتائج النهائية خلال ايام. وقبل انتهاء الانتخابات بدأت المشاورات بين القوى السياسية لعقد تحالفات لتشكيل الحكومة المقبلة بعد تيقنها من عدم قدرتها على الفوز بغالبية تتيح لها التفرد بالسلطة. ويتخوف مراقبون من ان تطول مدة تشكيل الحكومة لأكثر من شهرين، وانعكاس ذلك سلباً على الوضع الأمني، ويلفتون الى ان أي حكومة مقبلة تشكل بناء على التحالفات الحالية ستكون هشة. وعلى رغم الانسيابية والجهود الكبيرة التي بذلها موظفو المفوضية العليا للانتخابات لتسهيل الاقتراع، إلا ان شكاوى تكررت في كل المراكز من عدم وجود أسماء بعض الناخبين في السجلات. والسبب، على ما أعلنت المفوضية، ان هؤلاء الناخبين لم يحدثوا سجلاتهم. وأوضح مدير مركز الانتخابات في منطقة الصالحية علي صباح انه «من أصل 26 ألف ناخب في المنطقة تجاوب 500 شخص فقط مع الدعوات لتحديث سجلاتهم». وأوضح ان «الوعي الانتخابي لدى المواطنين لم يتطور كثيراً، إذ لا يعير العديد منهم اهتماماً باجراءات ما قبل الانتخابات ومنها البطاقة التي تعطى لكل ناخب لتسهيل عملية الاقتراع». ولفت أحد المراقبين الى انه على رغم كل الاجراءات التي اتخذتها المفوضية وشفافيتها، إلا انها لا يمكنها منع التزوير الذي يتم بأشكال مختلفة.