بقيت بلدة القصر الحدودية اللبنانية مع سورية عرضة لليوم الثاني على التوالي لسقوط صواريخ مصدرها الأراضي السورية، ما أشاع أجواء من التوتر والحذر والغضب، في وقت شيعت منطقة الهرمل وقرى القضاء أحد ضحايا القصف وهو فتى كان عائداً من مدرسته، وسط إقفال عام في مدارس المنطقة وشلل في حركة الأسواق والدوائر العامة. وسقط أمس صاروخان جديدان مصدرهما الأراضي السورية في خراج محلة سهلات الماء في بلدة القصر، وكان سقوط صواريخ الأحد على القصر وقرية حوش السيّد علي القريبة منها وطريق الكواخ أدى إلى سقوط قتيلين و9 جرحى. وارتفع عدد القتلى أمس، إلى ثلاثة مع وفاة علي حسن الهق (17 سنة) متأثراً بجروحه، إضافة إلى علي حسن قطايا (30 سنة) وعباس حسين خير الدين (13 سنة) وشيعتهم منطقة الهرمل وسط جو من الأسى والغضب الشديدين. وجددت عشائر المنطقة وعائلاتها مطالبتها الدولة والمسؤولين «بحمايتهم وردع الاعتداء عليهم». وتفقد نائب المنطقة غازي زعيتر مواقع طاولها القصف، ودعا الدولة إلى «اتخاذ الإجراءات العملية لحماية أهالي المناطق الحدودية من الاعتداءات الوحشية للعصابات المسلحة داخل الأراضي السورية والتي أثبتت المعلومات أنها تنتمي إلى جماعات إرهابية عربية وأجنبية همها تدمير سورية والسعي لإدخال لبنان في هذه اللعبة الأممية». ورأى زعيتر أن «الدفاع عن النفس حق مشروع». وكشف تقرير أعدّته وكالة «اسوشييتد برس» من بلدة القصر الواقعة على الحدود اللبنانية-السورية في قضاء الهرمل وجود لعناصر من «حزب الله» على الحدود، في وقت قال اهالي البلدة انهم شكلوا لجان دفاع عن قراهم. ورافق مندوب الوكالة عدداً من المقاتلين الملثمين الذين يرتدون اللباس العسكري ويحملون رشاشات كلاشنيكوف وهم يقومون بدورية في ما يبدو انه بستان زيتون، مشكّلين جزءاً من مجموعة من مقاتلي «حزب الله» الذين يقومون بدوريات على جانبي الحدود اللبنانية-السورية التي يسهل عبورها. ويقول أحد المسلحين على أطراف حدود بلدة القصر ان مهمته هي حماية البلدات الشيعية في الجانب السوري والتي يقول اهلها ان بيوتهم وقراهم وعائلاتهم تقع تحت مرمى هجمات الثوار السنّة. وقال مقاتل: «في بداية الازمة السورية كنا على الحياد ولم نتدخل. حتى قرانا كانت على الحياد. لكن بعد تعرض قريتنا الى اكثر من هجوم من جانب المسلحين وحصلت اعمال سرقة وقتل، اتفق على تشكيل لجان شعبية من اهالي البلدة وشباب المنطقة لحماية الاهالي ومنع المجموعات المسلحة من الدخول والاعتداء على اهلنا. وحالياً نحن موجودون في بلدة سورية على الحدود لحماية المنطقة». وسأل مقاتل آخر: «هل تريدون منا أن ننتظر الى أن تأتي القاعدة وتذبحنا جميعاً؟». وتحدث لبنانيون من الطائفة الشيعية كانوا يعيشون في بلدات سورية ونزحوا منها الى البلدات اللبنانية الحدودية عن تعرضهم للتهديد وعن اعمال عنف تطاولهم. وأفاد اللبناني بلال الصدر الذي كان يقيم في بلدة سورية 14 سنة، بأنه انتقل الى الجانب اللبناني من الحدود لحماية عائلته من القتل او الخطف. وقال: «عانينا الأمرّين من قطع طرق ومشاكل ومسلحين كانوا يخطفون الناس. خطفوا ثلاثة من جيراننا وقتلوهم إما بالرصاص أو ذبحاً. أحرقوا بيتي ومحلي وهددوا عائلتي. شعرنا بالخطر على حياتنا». وقالت صفية عساف وهي لبنانية نازحة من القصير السورية الى بلدة القصر اللبنانية، إنها هربت مع عائلتها المؤلفة من 11 فرداً تاركة خلفها ثلاثة منازل وثلاثة محلات. وأكدت أن الثوار «ارسلوا لنا تهديداً مع احد أبناء المنطقة يطالبوننا فيه بالرحيل... لأننا شيعة»