اعتصم آلاف العاطلين من العمل أمس في مدينة غردايةجنوبالجزائر، في حركة احتجاجية جديدة يبدو أنها بدأت تأخذ طابعاً دورياً بتنقلها من ولاية جنوبية إلى أخرى. ودفع تكرر مشاهد الاحتجاج في كبرى ولايات الصحراء بقيادات سياسية إلى التحذير من «تسييس» مطالب سكان الصحراء. واعتصم أمس آلاف الشباب العاطلين من العمل في وقفة حاشدة في غرداية لدعم احتجاجات شباب الجنوب، وقال شهود من المدينة إن ساحة أول ماي (مايو) شهدت توافد المئات من المحتجين منذ ساعات الصباح الأولى تلبية لدعوة الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق البطّالين التي أعلنت عن تنظيم «مليونية استرجاع الكرامة وتصحيح المسار». وأحيط الاحتجاج بتواجد أمني مكثّف، بدءاً بسد مداخل المدينة شمالاً وجنوباً ونشر سلسلة من المتاريس الحديد في محيط المسيرة، كما قُطعت طرق فرعية مؤدية إلى محطة نقل المسافرين وحي بوهراوة، مما دفع بالتجار إلى غلق أبواب محلاتهم خوفاً من انطلاق أعمال شغب. وشوهد الطاهر بلعباس، منسّق لجنة العاطلين من العمل، يقود الاعتصام الذي يعتبر الثاني في غرداية تضامناً مع اعتصامات سابقة في ورقلة وتمنراست وتقرت وأدرار وتندوف. وحرص منظمو المسيرة على سلمية الحركة الاحتجاجية والابتعاد من مواقع الانزلاق وتجنّب الدخول في مواجهات مع جهات أخرى. ورفع محتجون شعارات «إسقاط الفساد» مجدداً، لكن مراقبين يخشون أن يتطور هذا الشعار إلى «إسقاط النظام» في غياب حلول فعلية وواقعية تهدئ الوضع المشتعل في الجنوب. وكتب على لافتات المحتجين «كرامة المواطن تساوي الشغل والسكن»، و «نعم للحكم لا للتهديد والهدم»، «لا لدولة الفساد»، و «لا لتركيع الجزائريين». وحذّرت أحزاب جزائرية في غضون ذلك، من تسييس مطالب سكان جنوب الصحراء، وحمّلت السلطة الجزء الأكبر من مسؤولية الاحتجاجات التي تشهدها مناطق عدة في الجنوب. وقال الأمين العام لحركة النهضة المعارضة، فاتح ربيعي، «إن الأحداث في الجنوب وفي مختلف مناطق البلاد، تظهر أن المعالجة غير صحيحة والمعالجة الخاطئة تترتب عليها مشاكل أخرى». واعتبر ربيعي أن «جوهر المشكل في الجزائر هو بالأساس سياسي قبل أن يكون اجتماعياً واقتصادياً، لأن الجزائر لم تتوجه نحو إصلاحات جدية كان آخرها إنشاء لجنة لتعديل الدستور على مقاس السلطة». يشار إلى أن مدينة ورقلة شهدت الخميس وليلة الجمعة احتجاجات ومواجهات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن بعد نشر قائمة المستفيدين من الوحدات السكنية الاجتماعية المخصصة للعائلات التي ليس بإمكانها شراء أو بناء منازل. وطالب المحتجون بإلغاء القائمة بسبب منح مساكن لأشخاص لا تتوافر فيهم شروط العوز وبفتح تحقيق في شأن ذلك.