نفت الحكومة الجزائرية أن يكون وراء الحركات الاحتجاجية للعاطلين عن العمل في بعض ولايات الجنوب «دافع سياسي»، وأعلنت إجراءات «عاجلة» تخص التشغيل، استباقاً لتظاهرة مليونية وموجة عصيان متوقعة الخميس المقبل استجابة لدعوة لجان تتحدث باسم «العاطلين عن الشغل». وقررت الحكومة زيادة الإجراءات الأمنية في خمس ولايات على الأقل، وطالبت الولاة بالدخول في حوار مع أعيان المناطق ووجهائها باعتبارهم «الوسيط الأكثر تأثيراً في سكان الجنوب». وخص وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية، حراكَ الجنوب بالأولوية في لقاء جمعه أول من أمس بولاة الجنوب والهضاب العليا، المعينين في حركة تغييرات أقرها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الأسبوع الماضي. واستبعد الوزير وجود أي «دافع سياسي» وراء المطالب المرفوعة، والتي عادة ما تتعلق ب «التمييز في الحصول على وظائف»، لكن المعتصمين دورياً أمام مقر وكالة التشغيل في ولاية ورقلة (عاصمة النفط) رفعوا قبل أيام شعارات تطالب برحيل الرئيس بوتفليقة والوزير الأول عبدالمالك سلال. وحض ولد قابلية الولاة الجدد، وبينهم المعينون على رأس أربع ولايات من الجنوب وأقصى الجنوب، هي ورقلة وتمنراست وإليزي وتندوف، على «أهمية الاتصال والحوار في التكفل بمشاكل المواطنين على مستوى ولاياتهم». ودعاهم إلى «التحدث مع ممثلي المجتمع المدني، لاسيما الأعيان والشيوخ والشخصيات الخيرة التي تحظى دوماً بالاحترام والتقدير حتى تلعب دورها في أن تكون الوسيط بينكم وبين المواطنين». وقال: «لاحظنا من خلال العديد من الاجتماعات التزام مواطني الجنوب وأعيانه حيال الدولة والدفاع عن الأهداف المسطرة من طرف الحكومة لمصلحة المنطقة». وأعلن إقامة تجمعات سكانية جديدة «للتقليل من الفراغ والهوة الموجود بين المدن في هذه المناطق»، خصوصاً إنشاء أربع مدن جديدة بين تمنراست وعين صالح واثنتين بين رقان وأدرار وتجمع سكاني كبير بين بشار وتندوف، إضافة إلى تطوير التجمع السكاني لبرج الحواس الواقع بين جانت وإليزي. ونفى وجود مشكلة سياسية في الجنوب، قائلاً: «ليست هناك أي مشكلة سياسية في الجنوب... الجزائر واحدة ولا يمكن وضع شمال الوطن في طرف وجنوبه في طرف آخر». واعتبر ما يتردد عن أن «سكان الجنوب يشعرون بالتهميش وأن الثروة موجودة في هذه المنطقة ولا يستفيد منها سكانها، مجرد تعليقات عارية من الصحة». وأكد أن قطاع المحروقات «لا يمكنه تلبية كل طلبات العمل الكبيرة في الجنوب لذلك هناك ضرورة لتوجيه طلبات الشغل إلى قطاعات أخرى كالزراعة والصناعات التقليدية». وتلقى ولاة خمس ولايات جنوبية أوامر لدعوة العاطلين عن العمل إلى لقاءات مع ممثلي أجهزة التشغيل التابعة للدولة. وأمرت رئاسة الوزراء الولاة بفتح حوار مع ممثلي العاطلين، وتقديم تفسيرات لوضعية قطاع التشغيل وتشكيل لجان أمن ولائية من قادة الشرطة والدرك ومصلحة الاستعلامات والأمن وقادة القطاعات العسكرية لمراقبة تطورات الوضع حتى الخميس المقبل. وقال رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» نور الدين بن يسعد، ل «الحياة» إن «المعالجة الأمنية» التي اتبعتها السلطات في التعاطي مع مشاكل الشغل المشروعة لسكان الجنوب «هي التي أدت بالأمور إلى أن تتطور، وبدأنا نسمع كلاماً سياسياً خطيراً». إلى ذلك، كشف وزير الداخلية أن مسؤولية تأمين المركبات النفطية في الجنوب ستقع مستقبلاً على عاتق الدولة، وذكر أن «الشركات كانت في ما مضى لا ترغب في أن يتكفل الأمن الجزائري بحماية مركباتها، حيث كانت تفضل مصالح حراسة خاصة وأجنبية، غير أن التجربة أظهرت عجز الخلية الأمنية الموجودة على مستوى مجمع تيقنتورين (لتكرير الغاز) عن صد الاعتداء الإرهابي الأخير».