قرر الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة تمام سلام أمس حصر نشاطه لإخراج الحكومة الى النور، بالاتصالات البعيدة من الأضواء وتركيز جهوده على جوجلة أسماء الوزراء الذين سيضمهم اليها على ان تكون من غير المرشحين للانتخابات النيابية. وأكد سلام، بعد اجتماعه مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه قرر «إطفاء المحركات» «للتركيز على عملية التأليف وهاجسنا التوجه الى كل اللبنانيين بما هو على مستوى آمالهم». وكان للرئيس سليمان موقف لافت من الخروق السورية للحدود، وهو اطلع من قائد الجيش العماد جان قهوجي على تفاصيل ما تعرضت له منطقة عرسال من قصف جوي سوري على مسافة كيلومترين في داخلها، وكذلك منطقة الدبابية في الشمال، واحتراق مزرعة في الكواشرة، وفق ما أفاد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أمس. وأضاف البيان أنه «تبين ان القصف لم يتوخَ أهدافاً عسكرية كما لا توجد أسباب أو مبررات لذلك، وطلب سليمان الى قيادة الجيش تزويد وزارة الخارجية بالوثائق لإجراء المقتضى. وعلم ان مروحيات سورية قصفت امس وليل اول من امس مناطق في الشمال والبقاع، ما ادى الى سقوط ضحايا، خصوصا في منطقة عرسال البقاعية. وتلقى سلام رسالة دعم من المستشارة الألمانية أنغيلا مركل نقلتها اليه السفيرة في بيروت بريجيتا سفكر إيبرلي، أكدت فيها التزامها متابعة التعاون الوثيق معه «كما فعلنا مع الذين سبقوه». وشددت على مواصلة المانيا دعم المؤسسات في لبنان والإصلاحات واستقراره وسيادته «في ظروف عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة والتحدي الكبير الذي يواجه لبنان مع تدفق مئات الآلاف من النازحين السوريين». وقالت مصادر مقربة من سلام ل «الحياة» أن لقاءه مع الرئيس سليمان أثبت وجود صورة مشتركة حول الحكومة، وأن ما توافقا عليه يمكن الاستناد اليه لوضع مسودة حكومة مقبولة. وشددت على أنه، رغم تصريحات الكتل النيابية التي التقاها في استشاراته الثلثاء والأربعاء الماضيين، فإنه لم يلمس الى الآن عراقيل أو عقداً أمام التأليف الذي يتمنى ألا يتأخر، من دون تحديد تاريخ. وذكرت المصادر ان سلام على تواصل مع رئيس البرلمان نبيه بري، وأنه يحرص على مبدأين في مقاربته للحكومة هما ان مهمتها الانتخابات، وتجنب نقل الخلافات السياسية الى داخلها بسبب حصرية مهمتها. كما أكدت أنه لن يدخل في حصص الأطراف مع انفتاحه في اتصالاته على الجميع. وأوضحت مصادر أخرى مواكبة لاتصالات الرئيس المكلف الذي انصرف الى التفكير وكتابة بعض الصيغ الحكومية في خلوة مع نفسه، أن ما قصده بالحكومة غير الفضفاضة ألا تكون من 30 وزيراً حتماً، لكنه منفتح على صيغ مصغرة وأخرى متوسطة قد تبلغ ال24 وزيراً، إذا تبين أن الأصغر منها قد تسبب غبناً لبعض الطوائف في حجم تمثيلها. كما أشارت الى أن سلام لا يريد وضع العربة أمام الحصان في السجال على ما يمكن ان يتضمنه البيان الوزاري لأن هذا أمر يفترض أن يبحث في الحكومة بعد تشكيلها. وبموازاة ذلك ترك اقتراح البرلمان أول من أمس قانون تعليق المهل في قانون الانتخاب المعمول به حالياً (قانون الستين) ذيولاً في العلاقة بين كتلة «المستقبل» النيابية التي وافق نوابها عليه، وبين نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذين رفضوه وقاطعوا الجلسة مفضلين تمديد المهل. وعلم ان بري يتجه الى إحياء اللجنة النيابية المصغرة لإعادة درس مشروع قانون مختلط بين النسبي والأكثري. من جهة أخرى، أدى نشر أسماء وصور الشهود الواردة أسماؤهم في الادعاء العام من المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الى رد فعل من المحكمة الخاصة بلبنان دانت فيه «بأشد العبارات آخر محاولة لعرقلة حسن سير العدالة من طريق نشر قائمة بأسماء شهود مزعومين وتهديد حياة مواطنين لبنانيين». وأصدرت المحكمة بياناً من مقرها في لايد سندام اعتبرت فيه ان «تلك القائمة التي تتضمن أسماء أشخاص قد يتعرضون للخطر بسبب هذا الموقع الإلكتروني العديم المسؤولية، لا تعكس بدقة واقع ما هي عليه السجلات الرسمية للمحكمة. ولن تعلّق المحكمة على قائمة الشهود التي قدمها الادعاء في مذكرته التمهيدية لأنها لا تزال سرية حالياً بموجب قرار قضائي». وأضاف: «أما من يقفون وراء هذا الموقع الإلكتروني الذي يزعم الكشف عن الحقيقة، فهم ينتهكون أخلاقيات مهنة الصحافة انتهاكاً خطيراً ويستخدمون وسائل مشبوهة كالتسلل الإلكتروني... ان المحكمة تتخذ حالياً اجراءات للرد على الموقع الإلكتروني الذي يدّعي الكشف عن أسماء شهودٍ مزعومين، إلا أن مناقشة هذه الإجراءات علناً قد تعرقل تلك الجهود».