خلال الربع الأول من العام وكما هي الحال في كل عام، تزدحم الأسواق المالية بالأخبار والتحليلات التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة وفي مقدمها الصحف، إذ تفصح الشركات المساهمة العامة خلال هذه الفترة استناداً إلى قواعد الإفصاح والشفافية المدرجة في قوانين أسواق المال، عن نتائج أعمالها ومستويات أدائها خلال الربع الأخير من العام السابق، إضافة إلى نتائج العام السابق بأكمله، كما تعلن عن نسبة توزيعاتها السنوية، سواء الأرباح النقدية أو الأسهم المجانية. ولا شك في أن المعلومات التي تفصح عنها الشركات المساهمة تساهم في ترشيد قرارات المستثمرين لجهة الحكم على كفاءة الإدارة والاستغلال الأمثل للموارد استناداً إلى الكثير من مؤشرات النمو، مثل النمو في ربحية الشركات ومصادر أرباحها، والنمو في حقوق المساهمين، والنمو في قيمة الموجودات. ويعكس النمو المتواصل قوة الإدارة ومجلس الإدارة وكفاءتهما ومهنيتهما، بينما تعكس مؤشرات العائد على رأسمال الشركة والعائد على حقوق المساهمين والعائد على الموجودات، قيمة العائد الاستثماري السنوي الذي تحقق للمساهمين. وتمثّل حقوق المساهمين رأسمال الشركة بالإضافة إلى الأرباح المدورة والاحتياطات المختلفة، سبباً لمقارنة هذا العائد بعائدات المنافذ الاستثمارية الأخرى، وفي مقدمها الودائع والسندات والصكوك، ما يبرز المكاسب التي حققها المساهمون من استثماراتهم في هذه الشركات، إضافة إلى مقارنة هذه العائدات بعائدات الشركات الأخرى التي تعمل في القطاع ذاته، للحكم على قدرة الشركة على المنافسة وتطوير المنتجات وكفاءة الموظفين والعاملين. ومن بين المؤشرات المهمة في ظل الأزمة المالية العالمية وتشدد المصارف في منح القروض والتسليفات، تبرز مؤشرات السيولة والتدفقات النقدية للتأكد من قدرة الشركات على تسديد ديونها في تواريخها المحددة، إذ أدى نقص السيولة إلى تعثر عدد كبير من الشركات. والملفت أن معظم وسائل الإعلام وعند نشرها المعلومات المتعلقة بنتائج الشركات تركز على المعلومات التي تهم شرائح المضاربين وليس المستثمرين في الأجل الطويل، وفي مقدمها نسب الأرباح المقرر توزيعها على المساهمين، أو الإعلان عن نمو متميز في الأرباح من دون الدخول في التفاصيل، سواء لجهة مصدر هذه الأرباح أو نسبتها إلى رأس المال، بما يساهم في مساعدة المستثمرين في احتساب الأسعار العادلة لأسهم هذه الشركات ويساهم في إنضاج القرارات الاستثمارية في أسواق المال ورفع مستوى كفاءتها. ولإبراز المعلومات الإيجابية للشركات وتجاهل المعلومات والمؤشرات السلبية، دور في رفع حجم الطلب على أسهم بعض الشركات بعد نشر نتائجها في الصحف المحلية نتيجة تضليل المستثمرين وعدم معرفتهم بالحقائق المهمة عن واقع هذه الشركات. وتعود الخسائر الجسيمة التي تعرض لها معظم صغار المستثمرين خلال طفرة الأسواق المالية في معظمها إلى تركيز هذه الشريحة على أسهم بعض الشركات من دون الالتفات إلى مؤشراتها المالية وجودة أصولها ومؤشرات ربحيتها. ويفترض أن يكون للإعلام الاقتصادي دور مهم في رفع مستوى ثقافة مختلف شرائح المستثمرين بعدما أصبحوا يشكلون نسبة مهمة من أفراد المجتمع في ظل اعتماد نسبة مهمة منهم على الأخبار التي تنشرها الصحف أو وسائل الإعلام المرئية عن أوضاع الشركات. * مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»