حققت المعارضة السورية تقدماً مهماً آخر في محافظة درعا بالسيطرة على مقر الكتيبة 49 للدفاع الجوي عند اطراف بلدة علما بعد ايام من المعارك العنيفة مع قوات النظام. وكانت قوات المعارضة حققت في الايام الماضية تقدماً في هذه المحافظة الحدودية مع الاردن، وسيطرت على بلدة داعل التي تقع على الطريق الرئيسي الذي يربط درعا بالعاصمة، اضافة الى السيطرة على شريط حدودي بطول 25 كلم يمتد حتى الجولان السوري. ويقول ناشطون ان الهدف النهائي لهذه العمليات هو فتح ممر لقوات المعارضة يسمح لها بالتقدم من الجنوب في اتجاه دمشق. واصبحت دمشق في الآونة الاخيرة مركز اهتمام كل من النظام والمعارضة. ويزداد ذعر المسؤولين السوريين من احتمال سقوط العاصمة. وبعد تحذير وزير الاعلام عمران الزعبي من ان النظام سيدافع عن دمشق «حتى اللحظة الاخيرة»، نقلت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات عن مصادر عسكرية امس ان الجيش «لن يسمح لأي من الارهابيين بتدنيس أرض دمشق التي ستبقى آمنة»، واكدت ان التشكيلات كافة للقوات السورية ستكون «على اهبة الاستعداد» للدفاع عنها، وشددت على ان مصير كل من يقترب من دمشق «لتدنيسها» هو «الموت المحتم». وجاء هذا التحذير في الوقت الذي استمرت المعارك العنيفة والتصعيد العسكري بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في بعض الاحياء الواقعة عند اطراف دمشق وفي المناطق المحيطة بها. وتشن القوات السورية منذ اشهر حملة واسعة في محيط دمشق للسيطرة على المعاقل التي يتخذها المقاتلون قواعد خلفية لهجماتهم تجاه العاصمة. واظهرت اشرطة فيديو بثت على موقع «يوتيوب» امس، مقاتلي المعارضة وهم داخل الكتيبة 49 للدفاع الجوي في درعا بعد السيطرة عليها. وبدا في احد الاشرطة صاروخ يعتقد انه من طراز ارض - جو موضوع على منصة، لكنه مفصول الى جزءين. وقال احد الشبان وقد ارتدى سترة واقية من الرصاص «هذه القاعدة العسكرية 49 المحررة من قبل ابطال الجيش الحر». واشار الى الصاروخ قائلا «هذه الصواريخ تعود لشعبنا (...) عادت الصواريخ والاسلحة لاهلها». وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان الطيران الحربي نفذ ثلاث غارات جوية على بلدة الذيابية في محيط دمشق امس، اضافة الى غارة على بلدة المليحة. كما تواصلت الاشتباكات في مناطق عدة، ابرزها مدينة داريا التي يحاول النظام منذ فترة فرض سيطرته الكاملة عليها. كما تعرض حي القابون وجوبر للقصف من قوات النظام. وابلغ مصدر عسكري رسمي وكالة «فرانس برس» ان القوات النظامية «بسطت الامن في مقام السيدة سكينة ومحيطه» في دمشق بعد المعارك التي وقعت في هذه المنطقة في الايام الماضية. الى ذلك قصف الطيران الحربي امس مناطق في شمال وشرق ووسط سورية، وقال المرصد السوري ان القصف تجدد على مدينة الرقة. وبث ناشطون معارضون شريط فيديو على موقع «يوتيوب» يظهر آثار الغارات على هذه المدينة التي باتت منذ السادس من آذار (مارس) الماضي اول مركز محافظة خارج سيطرة النظام. وافاد المرصد عن قصف الطيران محيط قرية آبل وقرية الحصن في ريف محافظة حمص التي تشهد اشتباكات ايضا في بلدة جوسية القريبة من الحدود اللبنانية. في غضون ذلك اتهم الرئيس بشار الاسد رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان بالكذب في كل ما يتعلق بالازمة السورية منذ بدايتها. واوردت صفحة الرئاسة السورية على موقع «فيس بوك» مقتطفات من تصريحات ادلى بها الاسد الى قناة «اولوسال كانال» المملوكة لحزب تركي معارض لاردوغان وقال فيها الاسد ان اردوغان «لم يقل كلمة صدق واحدة منذ بدأت الازمة في سورية». وفي نيويورك أطلق عدد من الدول العربية معركة تمثيل سورية في الأممالمتحدة في مشروع قرار «لا يزال في مراحله الأولى ويعد للمناقشة» في الجمعية العامة، ويتضمن المشروع «مطالبة الأممالمتحدة بالاعتراف بالمعارضة السورية الممثل الشرعي للشعب السوري»، رغم أن «المعركة لن تكون سهلة» حسب ديبلوماسيين مطلعين. وبدأت المملكة العربية السعودية وقطر وفرنسا وبريطانيا مناقشة عناصر مشروع القرار مع دول أخرى في الأممالمتحدة «على أن يطرح على التصويت في وقت لاحق من هذا الشهر ليكون متابعة لقرار القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الدوحة». وقالت المصادر إن مشروع القرار «سيتضمن متابعة لقرارات مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة وسيؤكد على إدانة انتهاكات الحكومة السورية حقوق الإنسان وسيعرب عن القلق البالغ حيال تفاقم الأزمة الإنسانية في سورية وسيدعو الدول الى الوفاء بالتزاماتها لدعم برامج الإغاثة». وأوضح ديبلوماسيون أن مشروع القرار «قد يطرح على التصويت تحت البند 33 المعني بحل النزاعات المسلحة، وهو سيشكل متابعة لقرارات الجمعية العامة التي كانت فتحت الطريق أمام دور للأمم المتحدة في سورية على رغم الطريق المسدود في مجلس الأمن». وفي شأن التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية قال ديبلوماسيون إن «الاتفاق مع الحكومة السورية يمنعه حتى الآن رفض النظام السوري السماح للجنة التحقيق بالوصول الكامل الى المواقع مشترطاً اقتصار التحقيق على موقع خان العسل في حلب». وأوضحت المصادر أن «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» ومقرها في لاهاي، تتولى الآن التفاوض مع الحكومة السورية حول مهمة بعثة التحقيق ونطاق عملها الجغرافي والتقني». وكان الأمين العام للأمم المتحدة طلب من الحكومة السورية «منح بعثة التحقيق قدرة الوصول الكامل» الى المواقع والأشخاص المرتبطين بإمكانية استخدام سلاح كيماوي. لكن المصادر قالت إن «الرد السوري على هذا الطلب تضمن تحفظات وتعديلات تجعل مهمة البعثة مقتصرة على التحقيق في حادثة خان العسل فقط». وأوضحت أن «الحكومة السورية في ردها قالت إنها لن تتمكن من ضمان أمن فريق التحقيق الدولي وسلامة أفراده في حال قيامه بزيارة مواقع أخرى». وفشلت إيران في إقناع مجموعة دول عدم الانحياز (أكثر من مئة دولة) بتوجيه رسالة الى الأمانة العامة للأمم المتحدة «تؤيد موقف الحكومة السورية في شأن التحقيق في حادثة خان العسل فقط» بسبب اعتراض دول عربية وأجنبية على الرسالة.