تلف رجليها في طريقة معاكسة، وتعمد إلى تحريك يديها وكأنها خارجة عن جسدها، نظراتها مثبّتة في مكان ما بعيد منها تتجه صوبه وكأنه هدف يقي مقلتيها التلاقي مع النظرات المشدوهة إليها، باختصار مهمتها تنحصر في أن تقدّم الثوب الذي ترتديه بأبهى حلّة. من واجباتها التكيف مع أي مكياج أو تسريحة شعر أو كعب حذاء، هي من مجموعة يتوجّب عليها تقديم ما ترتديه وفق رؤية المصمم الذي ألبسها ثوباً معيناً من مجموعة ترجم بها أفكاره لموسم معيّن أو لمناسبة معينة. يرى مصممون بصراحة أن عارضة الأزياء، هي «علاّقة» مهمتها إبراز شكل التصميم، من دون أن يشكّل وجودها أي استقطاب للأنظار بسبب جمالها على سبيل المثال، فالأهمية هي لجمال الثوب وليس جمالها الشخصي. عليها أن تكون ك «عارضة بلاستيكية متحركة»، لا تسرق من الثوب الأضواء بتاتاً بل تقوم بعرضه كما هو، وهو ما يظهر جلياً في كثير من العروض التي يلجأ فيها مصممو الأزياء إلى إخفاء أو طمس معالم وجوه عارضاتهم بما يتماشى وأسلوبهم الخاص من دون إعطاء أي أهمية للشكل الفعلي التي تظهر فيه العارضة، فهي مجرد وسيلة لا أكثر ولا أقل لهم. من هنا بدت فكرة المصمم Fause Haten باستخدام الدمى المتحركة في تقديم مجموعته الأخيرة في ساو باولو أقرب إلى الحقيقة، التي تطبع عمل عارضات الأزياء اللواتي يتم التعامل معهن وكأنها مبرمجات لخدمة ما هو مطلوب منهن. وفي حين قدّم هاتن أزياءه بمقاسات الدمى وتحريكها بواسطة الخيوط لتقوم بدور عارضة الأزياء، فقد عرض الفساتين بمقاساتها الطبيعية على عارضات بلاستيكية. الدقة في العمل والتفاصيل في التصاميم لم تختلف بتاتاً بين المقاسات المعروضة على الخشبة. يذكر أن المهنة التي لم يتم تقبّلها من المجتمعات بسهولة، والتي كانت لا تلبث أن تخبو بعد محاولات خجولة، بدأت مع عارضة الأزياء ماري فيرنيت وورث زوجة مصمم الأزياء شارلز وورث عام 1892 والتي تعد العارضة الأولى في العالم. ومع افتتاح أول وكالة لعرض الأزياء عام 1924 لم يكن عرض الأزياء محصوراً بعارضات ذوات مواصفات محددة كالطول والنحافة الشديدة، فقد استعان كريستوبال بالينسياغا بعارضات قصيرات القامة وممتلئات بعض الشيء، كما عمد مصممو الأزياء خلال الحرب العالمية الثانية إلى استخدام عارضات ذوات إطلالة عادية ليعرضن ببهجة وفرح من أجل كسر قسوة تلك الفترة. وتعاني العديد من العارضات من ضرورة الحفاظ على مقاسات تفرضها عليهن دور الأزياء وغالباً ما تكون صغيرة جداً، حتى باتت العارضات، أنحف ب 23 في المئة من المرأة ذات الوزن العادي، بعد أن كنّ قبل 20 عاماً أنحف ب 8 في المئة، وهو ما يثير سخط كثيرين من المختصين وبخاصة بعد إقدام العديد من العارضات على أذية أنفسهن خوفاً من فقدان عملهن، إلى مجابهة هذا التوجه تحت شعار «الملابس مصنوعة لترتديها الأجساد لا أن تظهر رائعة على العلاّقات».