شن الطيران الحربي غارات جوية على مناطق عدة في سورية، كما دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة السورية ومقاتلين أكراد في مدينة حلب وفي محيط مطارها الدولي المحاصر، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من ستة آلاف شخص قتلوا في سورية في آذار (مارس) 2013، ما يجعل منه الشهر الأكثر دموية في الأزمة المستمرة منذ عامين. وأفاد المرصد السوري أن الاشتباكات تواصلت أمس في حي الشيخ مقصود الواقع في شمال مدينة حلب، مشيراً إلى «أنباء عن اقتحام القوات (النظامية) لبعض أجزاء الحي ترافق مع قصف» طاول أيضاً حي بستان الباشا المجاور. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن القوات النظامية «نفذت (أمس) عمليات نوعية اتسمت بالدقة ضد أوكار المجموعات الإرهابية المسلحة في المنطقة الواقعة بين حيي بستان الباشا والشيخ مقصود». وأشارت إلى تدمير «راجمتي صواريخ ومدفعي هاون وثلاث سيارات مزودة برشاشات ثقيلة». ويشهد الطرف الشرقي من حي الشيخ مقصود اشتباكات منذ نحو ثلاثة أيام بين مقاتلين معارضين من كتائب إسلامية وكتيبة كردية من جهة، ومسلحين من اللجان الشعبية التابعة ل «الاتحاد الديموقراطي الكردي» الذي تعتبره المعارضة موالياً للنظام السوري وقريباً من «حزب العمال الكردستاني». وتدخلت القوات النظامية في الاشتباكات في محاولة لمنع مقاتلي المعارضة من السيطرة على هذا الجزء الذي يضم تلة تشرف على حلب، بحسب المرصد. وتقطن حي الشيخ مقصود غالبية كردية، لكن الاشتباكات تدور في الجزء الشرقي منه الذي يقطنه مسلمون سنة من غير الأكراد، موالون لنظام الرئيس بشار الأسد. وقال المرصد إن «وحدات حماية الشعب الكردية سحبت وحداتها التي كانت منتشرة في معظم مداخل الحي» الذي شهد في الأيام الماضية حالات نزوح. وإلى جنوب شرقي المدينة، تجددت الاشتباكات في محيط مطار حلب الدولي، الذي يحاصره مقاتلو المعارضة منذ شباط (فبراير) الماضي ضمن ما أطلقوا عليها «معركة المطارات» للسيطرة على مطارات المحافظة. وأفادت المعارضة أن مقاتلي «الجيش الحر» بدأوا أمس بالتعاون مع «جبهة النصرة» معركة السيطرة على مطار كويرس العسكري بعد حصار استمر أسابيع عدة. وأعلنت مصادر أخرى أن الطيران الحربي للنظام قصف أمس مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في محافظة إدلب (شمال غرب)، والتي يسيطر عليها المعارضون منذ التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأوضحت أن «قصفاً عنيفاً استهدف منازل الأهالي في الحارة القبلية في معرة النعمان» ما أسفر عن ستة قتلى بينهم أطفال. كما قتل في قرية مدايا في ريف إدلب في شمال غربي البلاد 15 شخصاً بينهم 11 من عائلة واحدة، كانوا من النازحين إلى هذه القرية من القرى الأخرى. وفي محافظة درعا (جنوب)، نفذ الطيران الحربي غارات جوية عدة «على بلدة الطيبة ومحيط الكتيبة 49 للدفاع الجوي والسهول الشرقية لبلدة الكتيبة»، بحسب المرصد. وأشارت مصادر المعارضة إلى تعرض بلدة طفس إلى القصف الجوي، علماً بأن المعارضة سيطرت قبل أيام على بلدة داعل القريبة والتي تشكل نقطة مهمة في الطريق القديمة بين دمشق ودرعا في جنوب البلاد. وحقق مقاتلو المعارضة في الفترة الأخيرة تقدماً واسعاً في هذه المحافظة الحدودية مع الأردن. وباتت مدينة درعا الواقعة تحت سيطرة النظام «شبه معزولة» عن دمشق، في حين سيطر المقاتلون على شريط حدودي بطول 25 كلم يمتد من درعا إلى الجولان السوري. كما قصف الطيران قرية جندر في ريف محافظة حمص في وسط البلاد. وأفادت مصادر محلية أن عبوة ناسفة انفجرت أمس خلف مدرسة عبد الرؤوف سعيد في حي برزة في شمال دمشق، ما أسفر عن عدد من المصابين بينهم أطفال إصاباتهم بليغة. ويشهد الحي اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام والموالين في حي عش الورور القريب من برزة. إلى ذلك، أعلنت مصادر المعارضة أمس أن مقاتلي «الجيش الحر» سيطروا على موقع نفطي بالقرب من مدينة البوكمال والحدود مع العراق في شمال شرقي البلاد. وكانت مصادر أخرى قالت ل «الحياة» إن الحكومة الموقتة التي ينوي غسان هيتو تشكيلها ستتضمن حقيبة للطاقة، وإن الحكومة ستعتمد في بعض مواردها المالية على تشغيل آبار النفط الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في شمال سورية وشمال شرقها. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أول من أمس أن «مجموعات إرهابية مسلحة أقدمت على إضرام النار في 3 آبار نفط في محافظة دير الزور بعد خلاف نشب بينهم على تقاسم النفط المسروق ما يؤدي إلى خسارة يومية تقدر ب 4670 برميلاً من النفط و52 ألف متر مكعب من الغاز». إلى ذلك، كشف مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن أكثر من ستة آلاف شخص قتلوا في سورية في آذار 2013، ما يجعل منه الشهر الأكثر دموية في الأزمة المستمرة منذ عامين. وتشير آخر أرقام الأممالمتحدة العائدة إلى شباط (فبراير) إلى مقتل نحو 70 ألف شخص في سورية. وأوضح عبد الرحمن أن القتلى هم 3480 مدنياً بينهم 298 طفلاً دون السادسة عشر من العمر، و291 سيدة، و1400 مقاتل معارض. ويدرج المرصد بين المدنيين، السوريين الذين حملوا السلاح ضد القوات النظامية. وأضاف عبد الرحمن أن شهر آذار شهد مقتل 86 جندياً منشقاً و1464 عنصراً من القوات النظامية «بينهم أفراد في قوات الدفاع الوطني التي شكلها النظام». وأحصى المرصد سقوط 387 شخصاً مجهولي الهوية، إضافة إلى 588 مقاتلاً مجهولي الهوية «بينهم العديد من جنسيات غير سورية». واعرب عبد الرحمن عن اعتقاده بأن العدد الحقيقي لقتلى النظام والمعارضة «هو أعلى من ذلك» بسبب تكتم الطرفين على الحصيلة الفعلية «من أجل المعنويات في القتال». واعتبر مدير المرصد أن مسؤولية مقتل هؤلاء «يتحملها المجتمع الدولي الذي لم يقم بأي أمر جدي لمساعدة الشعب السوري سوى الوعود الكاذبة، بل يجلس شاهداً على تدمير سورية والمجتمع السوري». من جهة أخرى، أشار عبد الرحمن إلى مقتل 62554 شخصاً في النزاع حتى نهاية آذار في حصيلة «لا تشمل الأرقام الحقيقية لقتلى القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، أو الشبيحة والمخبرين الذين نعتقد أن عددهم يفوق 12 ألفاً». كما تستثني الحصيلة «آلاف المفقودين المجهولي المصير داخل المعتقلات السورية، ومئات الأسرى من القوات النظامية لدى الكتائب المقاتلة». وتوقع عبد الرحمن في حال احتساب هؤلاء «أن يتخطى العدد الحقيقي للذين قتلوا 120 ألف شخص»، مشدداً على أن التثبت من ذلك «يحتاج إلى لجان تحقيق دولية مستقلة».