«لا تتزوجها... لا نحبها... لا أحد يحبها في فرنسا». كاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يرد على محدّثته العجوز بسؤالها: لماذا لا تحبونها؟ لكنه عدل عن ذلك مستعيضاً بابتسامة باهتة ومواصلاً طريقه بين مستقبليه في مدينة ديجون الشهيرة بإنتاج الخردل في شرق فرنسا. ومع أن الكاميرات لم تكن مسلطة على وجه الرئيس لمعرفة مدى الإحراج الذي تعرض له، أكد المحيطون به ارتباكه للحظة قبل أن يأخذ الأمر على محمل المزاح، هو المعروف بسرعة الخاطر في مواقف مماثلة. لكن لماذا لا يحب الفرنسيون فاليري تريفيلير شريكة هولاند؟ ولماذا يعلنونها بصريح العبارة وهم المعروفون بتحفظهم في كل ما يتعلق بالحياة الخاصة للمسؤولين، على عكس البريطانيين؟ لم يعد سراً أن بين الغريمتين، الرفيقة السابقة لهولاند وأم أبنائه الأربعة سيغولين رويال، والرفيقة الحالية تريفيلير، كراهية تجاوزت الصدور، وتجلت في أبهى صورها في الانتخابات البرلمانية التي تلت الانتخابات الرئاسية العام الماضي، عندما غرّدت تريفيلير على « تويتر» معلنة تأييدها لمنافس رويال في مدينة لاروشيلفي غرب فرنسا، وهو اشتراكي منشق رفض قرار الحزب الانسحاب لمصلحة رويال. وقد أحدث موقف تريفيلير ضجة لأن الرأي العام اعتبره خروجاً على الأصول وتدخلاً من رفيقة الرئيس في مسألة لا تعنيها، خصوصاً أن وضعها ملتبس في بروتوكول الجمهورية، نظراً إلى كونها رفيقة الرئيس لا زوجته. ومع أن كثيرين توقعوا حدوث «قطيعة» بين هولاند ورفيقته، فإن شيئاً من هذا لم يحصل. وسادت توقعات بأن تكون الهفوة التالية لتريفيلير هي القاضية. لم تكن هفوة «تويتر» هي الأولى لتريفيلير، فالرأي العام كان قد استهجن الطريقة التي ظهرت فيها أثناء عملية التسليم والتسلم بين هولاند والرئيس نيكولا ساركوزي، فقد بدت تريفيلير، بمشيتها في باحة قصر الإليزيه، وكأنها هي الفائزة بالرئاسة أو شريكة فيها، بدل أن يتراجع حضورها لحساب حضور هولاند، مثلما فعلت يومها زوجة ساركوزي كارلا بروني. ومع أن تريفيلير حاولت تلميع صورتها لدى الرأي العام الذي يعتبرها حسودة، عن طريق انخراطها في أعمال إنسانية، ورفضها أن يطلق عليها اسم «السيدة الفرنسية الأولى»، فإن استطلاعات الرأي العام لم ترحمها، وآخرها قبل أربعة أشهر، وقد أظهر أن فرنسياً واحداً من أصل ثلاثة يحبها، أي أن ثلثي الفرنسيين لا يشعرون بمودة تجاهها. ومن المرجح أن تكون شعبيتها قد تدهورت منذ ذلك الاستطلاع بعد صدور كتاب «المتمردة» الذي كشف جانباً من حياتها السابقة، بما فيها من مغامرات عاطفية مع سياسيين التقتهم خلال عملها في مجلة «باري ماتش». ويقارن بعض الخبثاء بين فاليري الفرنسية وفاليريا ميسالينا الزوجة الثالثة للإمبراطور الروماني كلود ذات السلوك الفضائحي، والتي قيل عن زوجها: كيف يسيطر على امبراطورية لا حدود لها ولا يستطيع السيطرة على زوجته؟! لكن إنصافاً، يقتضي القول أن لا وجه للمقارنة بين فاليري العصر الروماني وفاليري المعاصرة التي لم ترتكب سوى هفوات بروتوكولية لا تستحق كل هذا الجفاء من مواطنيها، فالمسألة ربما لا تتعدى الطباع المتقلبة للفرنسيين، ومنهم من يقول مسألة المزاج!