توصلت قبرص وترويكا الدائنين ليل الأحد - الاثنين إلى اتفاق يعد بتجينب قبرص الإفلاس والخروج من منطقة اليورو، لكن محللين قالوا ان القبارصة سيواجهون سنوات من الصعوبات الاقتصادية بسبب صفقة الانقاذ ويبدو مستقبل الجزيرة المتوسطية العضو في منطقة اليورو الآن، «غامضاً ومقلقا». وأعلن «المركزي القبرصي» ليل أمس ان غالبية المصارف ستعاود فتح ابوابها التي اغلقتها منذ 10 أيام ما عدا المصرفين الخاضعين لاعادة الهيكلة (بنك قبرص ولايكي) وستخضع السحوبات والتحويلات لضوابط تمنع هروب رؤوس الاموال. وأتاحت الصفقة انتعاش اليورو في بورصات آسيا «لكن وكما هي الحال إبان الأزمات، فإن النتيجة التي تم التوصل إليها مساء الأحد، تدعو إلى الارتياح موقتاً لكنها لا تشكل ضمانة للتهدئة على المدى الطويل»، كما قال كارستن برجسكي، المحلل لدى «المجموعة الهولندية الدولية»، وهذا ما حصل فعلاً مع تراجع اليورو في أوروبا بعد ظهر أمس، وانعكس القلق في مؤشرات الأسهم في البورصات الدولية بعد قراءة متأنية للاتفاق وذيوله. وأبدت روسيا أمس استعدادها للمساهمة في خطة الإنقاذ الجديدة لقبرص التي تشكل سيفاً مصلتاً على الودائع الروسية الهائلة في الجزيرة لكنها لا تطاول الفروع المحلية للمصارف الروسية. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين «يرى أن من الممكن دعم جهود رئيس قبرص والمفوضية الأوروبية لحل الأزمة». وأضاف أن بوتين «كلف الحكومة ووزارة المال أن تضعا مع شركائنا شروط إعادة جدولة الدين الذي سبق أن منح لقبرص» عام 2011 والبالغة قيمته 2.5 بليون دولار. ورد الفعل هذا يتناقض مع الغضب الذي عبر عنه الرئيس الروسي الأسبوع الماضي بعد الصيغة الأولى للاتفاق التي جرى التوصل إليها بين نيقوسيا والاتحاد الأوروبي من دون التشاور مع روسيا. وكانت السلطات الروسية عبرت مراراً في الأشهر الماضية عن استعدادها لتخفيف شروط القرض الذي منح لقبرص عام 2011 عبر إرجاء استحقاق تسديده المحدد عام 2016 أو تخفيف نسب الفوائد عليه. واعتبر وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف أن المفاوضات قد تستأنف متى تبنى البرلمان القبرصي الخطة التي جرى التوافق عليها ليل الأحد - الاثنين في بروكسيل. غير أن الخبراء في «ألفا بنك» اعتبروا أن الخطة الجديدة «تشكل عبئاً اكبر على المودعين الكبار ومعظمهم من الروس». ويستبعد الاتفاق الجديد فرض ضريبة غير مسبوقة على الودائع سبق أن ندد بها الروس الذين تناهز قيمة ودائعهم في الجزيرة وفق وكالة «موديز» 31 بليون دولار. لكن الزبائن الكبار لأكبر مصرفين في البلاد، أي «بنك قبرص» الذي ستُعاد رسملته و»لايكي» الذي سيُصفى، سيدفعون ثمناً باهظاً. وندد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي ألكسي بوشكوف بما اعتبره «إنقاذاً على حساب المودعين». وأشادت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أمس بخطة مساعدة لقبرص، معتبرة أنها «جنبت البلاد الإفلاس» وأنها كانت «متوازنة». وقالت مركل خلال زيارة إلى جنوب البلاد «من دواعي سروري أننا توصلنا إلى إيجاد حل لقبرص، أي إلى تجنب إفلاس البلاد». وأضافت أن نتيجة المفاوضات «تضع الذين ساهموا في المشاكل أمام مسؤولياتهم»، مشيرة إلى أن «هذا ما يتعين فعله». وقال الحاكم السابق لمصرف قبرص المركزي افكسنتيس افكسنتيو ان تأثير خطة الانقاذ سيستمر لفترة تصل الى عشرة اعوام. وأبلغ الاذاعة العامة «تعرضت قبرص لضربة كبيرة ومستوى معيشتنا سيتراجع بسرعة، على رغم ان الاقتصاد ربما يعاود الانتعاش خلال سنتين الى ثلاث، لكن مستوى المعيشة سيحتاج الى عشر سنوات ليعود الى مستواه قبل الأزمة».