عاد وزير المالية القبرصي صفر اليدين من روسيا التي «لم تُبد اهتمامًا» باقتراحات الاستثمار وتركت أمر تسوية الازمة القبرصية للاتحاد الاوروبي الذي يزور رئيس مفوضيته جوزيه مانويل باروزو موسكو. وعاد ميخاليس ساريس الذي كرر الخميس انه سيبقى في روسيا ما يلزم من وقت للتوصّل الى اتفاق، صباح امس بخفي حنين من العاصمة الروسية مع كل اعضاء الوفد القبرصي، كما اعلن مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس. وميخاليس ساريس الذي وصل مساء الثلاثاء الى موسكو، سعى وراء الحصول على تليين شروط قرض بقيمة 2,5 مليار يورو منحته موسكو لنيقوسيا في 2011 واقترح على الروس استثمارات في قطاعي المصارف والطاقة مقابل مساعدة. وأقرّ وزير المالية الروسي انطون سيلوانوف امس بأن «المفاوضات انتهت». واوضح سيلوانوف ان «مقترحهم كان كالتالي: إنشاء شركة عامة تضمّ موجودات حقول الغاز واقتراح مساهمة المستثمرين الروس فيها». واضاف: «مستثمرونا درسوا هذه المقترحات ولم يبدوا اهتمامًا بها». وتملك قبرص احتياطيات كبيرة من الغاز قبالة سواحلها الجنوبية، لكن حجمها غير مثبّت وهي موضع نزاع مع تركيا التي تحتل شطرها الشمالي. واضاف الوزير الروسي: «اقترحوا علينا كذلك المشاركة في (رأسمال) البنوك. ولكن لم تُبد اي من مؤسسات الائتمان لدينا اهتمامًا». واكد سيلوانوف ان مسألة تقديم قرض جديد لم تُطرح كما اعلن الخميس نظيره القبرصي لأن مديونية جديدة قد تخرج نيقوسيا من الاطار الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي. وبشأن القرض الممنوح في 2011، «تنتظر روسيا قرارًا» من الجهات الدائنة للجزيرة (الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي) لتقرر بشأن «مشاركتها في إعادة جدولة الدين»، كما أضاف سيلوانوف. وكانت موسكو أعربت في الاشهر الاخيرة عن استعدادها لتليين شروط القرض الذي منحته لقبرص في 2011 عبر ارجاء موعد استحقاق سداده والمحدّد حاليًا في 2016، او عبر خفض معدل الفائدة. لكن السلطات الروسية تعرّضت لضربة مباشرة جراء الاعلان صباح السبت عن خطة إنقاذ لقبرص تمّ التفاوض بشأنها مع الاتحاد الاوروبي وتتضمن فرض ضريبة - تمّ التخلي عنها لاحقًا - على الودائع المصرفية. وهذه الضريبة تصيب بشكل كبير الودائع الروسية في الجزيرة والتي قدرتها وكالة موديز ب31 مليار دولار (24 مليار يورو)، اي اكثر من ثلث مجموع الودائع. وبالتالي فإن الحكومة الروسية تُعيد الكرة الى بروكسل في حين يتواجد جوزيه مانويل باروزو في موسكو. وتبادل رئيس مفوضية الاتحاد الاوروبي الخميس انتقادات مع رئيس وزراء روسيا ديمتري مدفيديف. وانتقد مدفيديف الحل «غير المعقول» الذي عرضه الاتحاد الاوروبي في نهاية الاسبوع لإنقاذ قبرص من الافلاس. واكد باروزو انه «مدرك لمصالح روسيا». لكنه اشار ايضًا الى انه قلق «جراء عواقب (الازمة) على المواطنين في قبرص». الا ان مصدرًا اوروبيًا اعتبر الجمعة ان «اللهجة هدأت من الجانب الروسي». واضاف هذا المصدر «نحن اول زبائن روسيا ونعمل بصورة دائمة من اجل علاقات مستقرة». ورأت جوليا تسيبليفا كبيرة الاقتصاديين لدى «بي ان بي باريبا» ان «المكاسب السياسية التي كان يمكن لروسيا ان تحققها من مساعدة لقبرص تقلصت بشكل كبير» جراء قرار نيقوسيا الاساسي بقبول خطة اوروبية من دون استشارة موسكو. واعتبرت المحللة انه «ومن دون مكاسب سياسية، فإن المكاسب الاقتصادية غير كافية»، لأنه «من الواضح» ان الاصول التي تقترحها الجزيرة «ستتدهور قيمتها». واعتبر المحللون في بنك «جي بي مورغان» الامريكي الاربعاء ان «مصلحة روسيا قد تكون في ان تشتري في غضون بضعة اشهر او سنوات ما يعرض عليها اليوم». وفي قبرص تقرر تأخير الجلسة الاستثنائية للبرلمان القبرصي التي كانت مقررة صباح امس بسبب اعادة بحث مشاريع القوانين الهادفة الى جمع مليارات اليوروهات لضمان الحصول على خطة انقاذ اووربية وتجنب الافلاس، كما افادت وسائل الاعلام. وكان يفترض ان تعقد الجلسة في الساعة العاشرة (8,00 تغ) لكنها تأجلت لأن لجنة المالية تقوم بمراجعة هذه المشاريع. وتحت ضغط منطقة اليورو وبعد تخلي الروس عنها، تسعى الحكومة القبرصية لإيجاد خطة بديلة مقبولة من الاوروبيين بعد رفض البرلمان القبرصي الثلاثاء مشروعًا اول يقضي بفرض ضريبة على الودائع المصرفية كان يتوقع ان تجمع 5,8 مليار يورو. والمسؤولون في الجزيرة في سباق مع الوقت لأن البنك المركزي الاوروبي اعلن انه سيوقف اعتبارًا من الاثنين ضخ السيولة الى المصارف القبرصية اذا لم يتم التوصّل الى اتفاق مقبول بين نيقوسيا والجهات الدائنة. والمصارف المقفلة منذ 16 مارس لن تفتح ابوابها قبل الثلاثاء مبدئيًا بسبب مخاوف من سحوبات اموال كثيفة. والبورصة مقفلة ايضًا. وعقد الرئيس نيكوس اناستادسيادس الخميس اجتماعًا دام بضع ساعات مع وزرائه ورؤساء الاحزاب السياسية، وقرر خصوصًا اعادة هيكلة النظام المصرفي الغارق لانكشافه امام الديون اليونانية والمهدد بالافلاس. ووضعوا مشروع قانون ينص على تأسيس صندوق تضامن لم تكشف اطره ومشروع قانون آخر ينص على الحد من حركة الرساميل، وهما نقطتان رئيسيتان في الخطة البديلة، ستطرحان على البرلمان الجمعة. واعربت منطقة اليورو عن استعدادها لبحث اقتراح جديد من نيقوسيا وهو متوقع «في اسرع وقت ممكن»، بحسب رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم. وافاد مصدر اوروبي ان اجتماعًا جديدًا سيعقد في بروكسل الاحد. وكانت وكالة «ستاندارد أند بورز» قد خفضت مساء امس الاول التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لقبرص إلى «سي سي سي» من «سي سي سي موجب». وقالت وكالة التصنيف الائتماني إنها تعتقد أن «مخاطر تعثر سيادي تتصاعد» بسبب مخاطر تتعلق بالودائع، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد وخلق الحاجة إلى ضوابط لرأس المال. وتسود تلك المخاطر حتى لو تبنّت الحكومة خطة جديدة يقبلها المقرضون الدوليون. وكانت «ستاندارد أند بورز» خفضت من توقعاتها لقبرص في 2013 إلى نسبة انكماش قدرها 6 بالمائة. وقالت إن توقعها للتصنيف الجديد «سلبي». في المقابل هبط سعر اليورو الى أدنى مستوياته في أسبوعين أمام الين الياباني امس ووجد صعوبة في التمسّك بمكاسبه أمام الدولار بعد أن جاءت بيانات ألمانية مخيّبة للآمال وبينما تسابق قبرص الزمن لإيجاد حل لمشكلة تمويل. وأمهل الاتحاد الاوروبي قبرص حتى الاثنين المقبل لجمع 8ر5 مليار يورو تحتاجها لضمان الحصول على خط انقاذ دولي بقيمة عشرة مليارات يورو والا فستواجه انهيار نظامها المالي. ومن شأن فشلها في ذلك أن يجعلها أول دولة تخرج من منطقة اليورو. وبعد أن رفضت روسيا مناشدات بتقديم المساعدة لقبرص دعمت المخاوف الاصول التي تعدّ ملاذات آمنة للقيمة مثل السندات الالمانية وساعدت العملات التي تتسم بالسيولة مثل الين أمام اليورو. ويتوقع المتعاملون أن يعكس سعر اليورو بشكل متزايد المخاطر التي تظهر في منطقة اليورو. وفي حين يملك البنك المركزي الاوروبي أدوات تجعله يتجنب انتقال المشكلات بين الدول الاعضاء قد يؤدي خروج قبرص من المنطقة الى تقليص الاقبال على الاصول الاوروبية. وتراجع اليورو الى أدنى مستوياته في اسبوعين مسجّلًا 44ر121 ين بعد أن جاءت قراءة مؤشر ايفو الالماني لثقة الشركات أقل من المتوقع. وتراجع اليورو في أحدث تداول عليه 5ر0 بالمائة خلال اليوم الى 70ر121 ين. وأمام الدولار تراجع اليورو دون مستوى 2900ر1 دولار بعد البيانات الالمانية مقتربًا جدًا من أدنى مستوياته خلال الجلسة في التعاملات الآسيوية اليوم البالغ 2888ر1 دولارًا. كما تراجعت الاسهم الاوروبية امس الجمعة ويقترب المؤشر الرئيسي من تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ نوفمبر اذ أثرت المخاوف المتعلقة بخطة انقاذ قبرص على المعنويات. ونزل مؤشر يوروفرست 300 لأسهم كبرى الشركات الاوروبية 1ر0 بالمائة الى 12ر1190 نقطة، ويتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ نوفمبر في حين هبط مؤشر ستوكس 50 للاسهم الممتازة بمنطقة اليورو 2ر0 بالمائة ليسجّل 57ر2678 نقطة في الساعة 0806 بتوقيت جرينتش. لكن ارتفاع سهم بي.بي بنسبة 5ر2 بالمائة بعد أن أعلنت شركة النفط الكبرى انها ستعيد ثمانية مليارات دولار للمساهمين حمى السوق من خسائر أكبر. وفي بورصات أوروبا تراجع مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني وكاك 40 الفرنسي بنسبة 1ر0 بالمائة وداكس الالماني 2ر0 بالمائة. كما أغلق مؤشر نيكي القياسي لأسهم الشركات اليابانية الكبرى منخفضًا 4ر2 بالمائة امس مع تزايد المخاوف من أن تضطر قبرص للانسحاب من منطقة اليورو، وأغلق المؤشر منخفضًا 16ر297 نقطة عند 53ر12338 نقطة بعدما سجّل 26ر12650 نقطة يوم الخميس وهو أعلى مستوى خلال التعاملات منذ مطلع سبتمبر 2008. وخسر المؤشر 8ر1 بالمائة هذا الاسبوع في ثاني خسارة أسبوعية على مدار التسعة عشر أسبوعًا الماضية وكانت هي الاكبر منذ نوفمبر. وانخفض مؤشر توبكس الاوسع نطاقًا 9ر1 بالمائة ليغلق على 57ر1038 نقطة في تعاملات ضعيفة نسبيًا.