تفاعلت امس في سورية عملية اغتيال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي يشيع جثمانه اليوم من الجامع الاموي في دمشق. وفيما تبادل النظام والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن الاغتيال، برزت مخاوف من ان يكون هذا التفجير الذي حصل داخل مسجد للمرة الاولى منذ اندلاع الثورة قبل سنتين، مقدمة لتفجيرات مماثلة تأخذ طابعاً مذهبياً انتقامياً. ورفع متظاهرون امس لافتة في القصير بريف حمص كتبوا فيها «الحسون افتى الجهاد والبوطي لبى النداء»، في اشارة الى الدعوة التي اطلقتها دار الافتاء وعلى رأسها المفتي احمد بدر الدين حسون الى «النفير العام». ولم يتردد متظاهرون في دوما في ريف دمشق في الهتاف «جايي دورك يا حسون»، في اشارة الى المفتي. وتجاوز مجلس الامن خلافاته حول سورية، وتوصل الى توافق نادر دان «الهجوم الارهابي بأقسى العبارات» من دون اتهام اي طرف. واعلنت القيادة المشتركة ل»الجيش الحر» من مثل هذه الأعمال «لا تمت بأي صلة لأخلاق ومبادئ وأهداف الثورة السورية المجيدة والجيش الحر»، وحذرت في بيان من أن «هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية هي بداية لمرحلة خطيرة للغاية لخلط الأوراق تخوضها قوى إقليمية طالما استعملت ورقة الإرهاب لتحقيق غايات سياسية ومحاولات رخيصة لتبرير دخول مقاتلين من دول الجوار والإقليم بحجة حماية بعض المقامات والمزارات». وكان منشق من وزارة الاوقاف حذر امس من ان يكون اغتيال البوطي بداية لمرحلة من الاغتيالات لرجال دين وفكر. وحمل «الائتلاف الوطني السوري» في بيان «نظام (الرئيس بشار) الأسد الإرهابي المسؤولية المباشرة، خاصة لدى أخذ الطبيعة الأمنية والحراسة المشددة المطبقة» في حي المزرعة الدمشقي، حيث يقع جامع الايمان الذي حصل فيه التفجير. ولمح رئيس «الائتلاف الوطني السوري» معاذ الخطيب على صفحته على «فايسبوك» امس، الى وجود «معلومات وشواهد تؤكد بداية انقلاب في تفكير البوطي رحمه الله، ونعتقد ان النظام قام بتصفيته خشية موقف شجاع منه قد يقلب الموازين كلها». ثم قال الخطيب، ردا على سؤال، ان موقف البوطي المؤيد للنظام «باطل ومرفوض»، معتبرا ان من عرف ب «جرائم حكام سورية وباطلهم، وسكت عنهم فهو شريك لهم فيما فعلوه بالامة». واعتبرت الخارجية الايرانية ان «استشهاد» البوطي سيلقي الضوء كاملا على «تآمر الولاياتالمتحدة والنظام الصهيوني ووكلائهما الاقليميين». في حين توعد الرئيس بشار الاسد «قتلة» البوطي ب»القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم». وقال في بيان، بثته الوكالة السورية للانباء الرسمية (سانا): «وعدا من الشعب السوري وأنا منهم، أن دماءك انت وحفيدك وكل شهداء اليوم وشهداء الوطن قاطبة لن تذهب سدى لأننا سنبقى على فكرك في القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم». واعلنت الحكومة السورية الحداد اليوم على البوطي و»شهداء» سورية ب»توجيه» من الاسد. واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين في رسالتين متطابقتين الى رئيس مجلس الأمن والامين العام للامم المتحدة ان هذا «العمل الإرهابي، يحمل بصمات تنظيم القاعدة وحلفائه». وفي نيويورك، علمت «الحياة» أن الأممالمتحدة «قطعت شوطاً» في الإعداد لتشكيل بعثة خبراء دوليين للتحقيق في استخدام سلاح كيماوي في سورية. وقال مصدر في «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» في لاهاي إن «معلومات مهمة ستعلن الأسبوع المقبل» في شأن فريق الخبراء ومهمته. وتزامناً مع المحادثات «القانونية والتقنية» بين الأممالمتحدة والحكومة السورية للتوصل الى «تحديد إطار عمل بعثة التحقيق وصلاحياتها»، حسب ديبلوماسيين مطلعين، فقد طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالة الى دمشق «المزيد من المعلومات من السلطات السورية» حول الادعاء باستخدام سلاح كيماوي في خان العسل في حلب. وأبلغ بان الحكومة السورية أن البعثة ستحقق «تحديداً» في الحادثة التي طلبت دمشق النظر فيها، أي المتعلقة بخان العسل، بينما أبلغ فرنسا وبريطانيا في رسالة أخرى أن التحقيق «سينظر بجدية في الادعاءات باستخدام السلاح الكيماوي في أمكنة أخرى». واستخدم بان صيغتين مختلفتين في رسالتيه الى كل من دمشق من جهة ولندن وباريس من جهة أخرى، إذ قال للحكومة السورية «أننا يجب أن نظل متنبهين الى الإدعاءات الأخرى بان أسلحة كيماوية استخدمت في أماكن أخرى». بينما أخطر فرنسا وبريطانيا أن «الادعاءات الأخرى سيتم التعامل معها بجدية». وقال إنه «يشاركهما القلق العميق نفسه حول كل الادعاءات» المتعلقة باستخدام سلاح كيماوي. واضاف في الرسالة نفسها أنه يشدد على أن «المسؤولية الأولى تقع على عاتق الحكومة السورية للتأكد من سلامة وأمن أي أسلحة أو مواد كيماوية». وكانت فرنسا وبريطانيا طلبتا في رسالة مشتركة أن يشمل التحقيق في استخدام سلاح كيماوي في سورية 3 حالات مشتبه فيها في كل من حلب ودمشق وحمص. وطلب بان من الحكومتين تقديم اي معلومات اضافية حول إمكانية استخدام أسلحة كيماوية أو بكتيرية بيولوجية أو سامة» في سورية. وكان مقرراً أن يعقد مجلس الأمن أمس الجمعة لقاء مغلقاً مع الدول المساهمة في قوة مراقبة اتفاق فك الاشتباك في الجولان (أندوف) «للبحث في مخاوف هذه الدول على جنودها والإجراءات التي ستتخذها الأممالمتحدة لتعزيز أمنهم وحمايتهم» حسب مصادر المجلس. ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن ظروف عمل «أندوف» الثلثاء المقبل في ضوء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي تحدث فيه عن تعرض القوة لاعتداءات متكررة في الجانب السوري من الجولان.