شكل اغتيال رجل الدين السني البارز محمد سعيد البوطي مناسبة اضافية في مساعي النظام السوري ومعارضيه لكسب «قلوب وعقول» السوريين عبر تبادل اتهامات المسؤولية عن «التفجير الانتحاري» الذي أودى بحياة 49 شخصاً. واستخدم كل طرف جميع الوسائل المتاحة لتعزيز موقفه من وسائل اعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وسلط رئيس «ائتلاف المعارضة» معاذ الخطيب الضوء على تغيير في تفكير البوطي قبل اغتياله. وتوعد الرئيس بشار الاسد قتلة البوطي ب «القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم». وقال في بيان بثته الوكالة السورية للانباء الرسمية (سانا) امس: «أعزي نفسي وأعزي الشعب السوري باستشهاد» البوطي. وزاد: «وعداً من الشعب السوري وأنا منهم، أن دماءك انت وحفيدك وكل شهداء اليوم وشهداء الوطن قاطبة لن تذهب سدى لأننا سنبقى على فكرك في القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم». وعُرف البوطي، وهو من اصل كردي وولد في تركيا العام 1929، بعلاقته المباشرة مع الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد واستمرار اللقاءات الدورية مع نجله منذ تسلم الحكم في 2000، بل قيل انه كان في موقع اكثر تأثيراً من مفتي سورية الشيخ احمد الحسون. وعرف بموقف المؤيد للنظام منذ بدء الاحتجاجات قبل سنتين، وأسس في نيسان (ابريل) الماضي «اتحاد علماء بلاد الشام» في مقابل «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» برئاسة الداعية يوسف القرضاوي. وأعلنت رئاسة الحكومة السورية الحداد السبت على البوطي و «شهداء» سورية ب «توجيه» من الأسد. ودانت جمبع المؤسسات الرسمية الاغتيال، وجرى له تشييع كبير. واعتبرت وزارة الخارجية الايرانية ان «استشهاده» سيلقي الضوء كاملاً على «تآمر الولاياتالمتحدة والنظام الصهيوني ووكلائهما الاقليميين». وبث موالون للنظام اشرطة فيديو وعبارات، تتضمن تهديدات وجهت الى البوطي من معارضين خصوصاً بعد دعم «فتوى الجهاد» الأخيرة وإشادته الدائمة بدور الجيش. في المقابل، حمل معارضون النظام مسؤولية الاغتيال ل «القول ان الثورة السورية تستهدف المساجد ايضاً». وتوقع احد المنشقين عن وزارة الاوقاف «مزيداً من الاغتيال لرجال دين». وكتب رئيس «الائتلاف الوطني السوري» معاذ الخطيب على صفحته على «فياسبوك» امس «وحده النظام الذي اعتقل واعدم المئات من علمائنا يمكن ان يقوم بذلك الفعل الخسيس»، مشيراً الى وجود «معلومات وشواهد تؤكد بداية انقلاب في تفكير البوطي رحمه الله، ونعتقد ان النظام صفاه خشية موقف شجاع منه قد يقلب الموازين كلها». ثم عاد الخطيب، الذي كان إماماً للجامع الاموي قبل ان يبدأ البوطي بإلقاء خطبة الجمعة فيه في الفترة الاخيرة، وقال رداً على سؤال ان موقفه المؤيد للنظام «باطل ومرفوض وأسبابه باطلة»، معتبراً ان من عرف ب «جرائم حكام سورية وباطلهم، وسكت عنهم فهو شريك لهم في ما فعلوه بالأمة». وشكك نشطاء بالراوية الرسمية السورية، اذ ان بعضهم نشر صوراً للمسجد الذي تعرض لتفجير بحياة حوالى خمسين شخصاً من دون ان يؤدي الى تدمير نظارات البوطي، وبثوا فيديوات لخطابات البوطي ومواقفه المؤيدة للنظام، بينها قوله في بداية العام الماضي ان منظمة التعاون الاسلامي «ماتت» وان «من ورثها، هما روسيا والصين». ونشرت وكالة انباء «الأناضول» التركية ان مجموعة من أقارب البوطي وصلت إلى الاراضي التركية «بعد اتصالات وتنسيق» مع «الجيش الحر». وفي الدوحة دان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي «بأشد العبارات» التفجير الذي استهدف مسجداً في دمشق واغتيال البوطي. وقال في بيان إن «هذه التفجيرات الإجرامية خصوصاً الموجهة ضد بيوت الله ورواد هذه البيوت مدانة بأشد العبارات»، مطالباً «بضرورة الإسراع في متابعة مقترف هذه الجريمة النكراء والتي تستهدف الأبرياء من الشعب السوري الشقيق».