قبل ثلاثة اشهر غادر كاروان بابان ألمانيا متوجهاً الى مسقط رأسه في اقليم كردستان العراق، للانضمام الى قوات "البيشمركة" الكردية من اجل القتال ضد متطرفي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وبعد خمسة ايام امضاها وهو يقود سيارته الصغيرة عبر النمسا ودول البلقان وتركيا وصل بابان الذي يعمل مديراً في احدى شركات الاستيراد والتصدير في دوسلدوف (غرب ألمانيا) الى كردستان العراق ليرتدي الزي العسكري ويصبح أسمه العقيد كاروان. ووفقاً للمنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب فإن نحو ثلاثة آلاف اوروبي التحقوا بتنظيم "الدولة الإسلامية". وغادر عشرات الأكراد ممن يعيشون في اوروبا البلدان التي يقيمون فيها متجهين الى كردستان للدفاع عن اراضيها من هجمات التنظيم المتطرف. وبالنسبة إلى كاروان هذه ليست المرة الأولى التي ينضم فيها الى "البيشمركة". فقد حارب في ظل نظام صدام حسين الاستبدادي. لذلك عندما شن الجهاديون هجومهم الواسع على المناطق المتاخمة لإقليم كردستان مسقط رأسه لم يتردد في مغادرة ألمانيا حيث يعيش منذ نحو عشر سنوات. ويقضي العقيد كاروان إجازاته في منزل العائلة الضخم وهي من قبيلة خوشناو وهو مبني على شكل قلعة حصينة تملؤها ازهار الياسمين التي يلعب الأطفال في ممراتها. ويجتمع نحو عشرين شاباً وبنادقهم على أكتافهم مع رؤساء عشائرهم. وهم أبناء عمومة، وجميعهم يقاتلون في صفوف "البيشمركة" وهم عائدون من جبهات القتال. وكثير منهم جاء اخيراً من امستردام وبرلين أو روما ليلتحقوا بجبهات القتال في اقليم كردستان في شمال العراق. وغالبية العائدين من اوروبا هم من قدامى محاربي البيشمركة الذين لبوا نداء رئيس الإقليم مسعود بارزاني، الذي طلب منهم الالتحاق ب "جبهات القتال"، فيما يخوض بعضهم الآخر المعارك للمرة الأولى. وبين هؤلاء أشقاء نوزاد أنور بيك ال 12 الذين قدموا من هولندا، وبعضهم يعيش في كردستان منذ سنوات عدّة وبعضهم الآخر جاء خصيصاً من اجل القتال. وبالنسبة إلى آزاد (24 سنة) الذي وصل إلى إقليم كردستان في السادس من آب (أغسطس) الماضي، وبما أنه لم يسبق له ان حمل السلاح، فقد اعطي بندقية وتم امهاله يومين فقط من اجل التدرب قبل الالتحاق بالجبهة. ويقول آزاد بفخر ان "لهذه الحرب جانباً حسناً، أنها أظهرت للعالم ما يستحقه الأكراد". وأعرب آزاد عن أسفه لأنه وصل متأخراً جداً إلى معركة سد الموصل التي سيطر عليها متطرفو تنظيم "الدولة الإسلامية" في السابع من آب الماضي قبل ان يتمكن مقاتلو البيشمركة من طردهم وفرض سيطرتهم عليه مرة ثانية. ولكن شقيقه هريم (32 سنة) الذي وصل الى اقليم كردستان قادماً من امستردام في 11 حزيران (يونيو)، كان هناك وأصيب خلال المعارك بجرح عميق في خده الأيسر نتيجة انفجار. ويقول سرهد أنور بيك وهو زعيم عشيرة بفخر "لقد جاء ابناؤنا من اوروبا للمشاركة في هذه الحرب، ولبسوا الملابس العسكرية وقدموا الشهداء"، من دون ان يتمكن من تحديد اعداد الذين سقطوا في المعارك ممن يحملون الجنسيات الأوروبية. وأضاف انه "شرف عظيم لعائلاتهم هناك في اوروبا". وأوضح ان "القوة التي يقودها تتألف من 1500 عنصر من البيشمركة منهم نحو عشرين مقاتل جاءوا اخيراً من اوروبا". ويؤكد العقيد كاروان ان "هناك الكثير من الأكراد في دوسلدوف جميعهم على استعداد للمجيء والمشاركة في القتال". وأشار الى ان ابناء عمومته قدموا من بلدان اوروبية مثل هولنداوألمانيا وإيطاليا "ما عدا فرنسا"، مشيراً الى انهم يحبون فرنسا "صديقة كردستان" التي قدمت الأسلحة للإقليم وتشارك في الغارات الجوية ضد التنظيم. وكانت الشرطة الفرنسية استجوبت في الأيام الأخيرة عائلة شاب كردي يبلغ من العمر 18 سنة بعد اختفائه خصوصاً انه كان اعرب عن رغبته في الذهاب للقتال ضد الجهاديين. وأولئك الذين هم في العراق يعطون ألقابهم ويكشفون عن وجوههم ويظهرون جوازات سفرهم من دون أي خشية من المشاكل التي قد تعترضهم عند عودتهم الى اوروبا، فوجودهم هنا ليس سراً. والعقيد كاروان على اتصال دائم مع الديبلوماسيين الألمان المكلفين العلاقات بين البيشمركة والجيش الألماني الذي ارسل اسلحة ومدربين عسكريين الى كردستان. وشقيقه نوزاد اتصل بوزارة الخارجية الهولندية بعد يومين من وصوله الى اقليم كردستان ليعلمهم بوجوده في صفوف قوات البيشمركة. وبعضهم لا ينظر بقلق الى مسألة العودة. ويقول آزاد القادم من هولندا حيث يدرس هناك كي يصبح معلماً "سأبقى هنا وأكون في صفوف قوات البيشمركة إلى الأبد".