تألق الممثل أحمد بدير في التلفزيون والمسرح، بعدما اكتشفه المخرج الراحل يوسف شاهين وقدمه في فيلم «العصفور». ثم توالت أعماله الناجحة معاً في «عودة الابن الضال» و«إسكندرية ليه» الى «سكوت هَ نصوّر». ما دفعه لاستكمال مشواره الفني بالعمل في مسارح مراكز الشباب، ممثلاً ومؤلفاً ومخرجاً، حتى جاءت بدايته الحقيقية في مسلسلات الإذاعة التي ساعدته على الانتقال الى العمل في التلفزيون في مسلسلات مشهورة مثل «زيزينيا» و«الزيني بركات». ومن أبرز مسرحياته «ريا وسكينة»، و«جوز ولوز»، و«تكسب يا خيشه»، و«دستور يا أسيادنا». نال جوائز منها «جائزة جمعية النقاد والكتاب» من مهرجان الإسكندرية السينمائي لعام 2010، لمساهمته في نهضة صناعة السينما المصرية والعربية، وجائزة أفضل أداء عن دوره في مسلسل «لم يكن لها أبداً» من مهرجان القاهرة التاسع للإذاعة والتلفزيون. ولم يتوقف عند ذلك الحد بل كان وكيلاً لنقابة المهن التمثيلية ل 12 سنة. التقت «الحياة» بدير عقب تكريمه من المركز الكاثوليكي المصري للسينما في دورته الحادية والستين وحصوله على جائزة «أفضل ممثل» عن دوره في فيلم «ساعة ونصف». وتمنى لو أتت هذه الجائزة التي يعتزّ بها في ظروف أفضل، معرباً عن «خوفه مما هو مُقبل، إذ ان الفوضى سيدة الموقف، وأصبح التدمير والقتل أسلوب ما بعد الثورة. هناك فصيل واحد يتحكم في زمام الأمور ويحاصر البلد». وتساءل: «هل قامت الثورة من أجل ما نعانيه الآن؟ أين النظام المدني الذي قامت من أجله الثورة؟». وأضاف: «نحن الآن في دولة إقصائية لا رؤية سياسية واضحة لها، هدفها إقصاء الآخر وتخوين المعارض وتكفير المخالف». وأبدى دهشته من قدرة الشعب المصري على إقصاء نظام سيطر على الحكم 30 سنة، ليحل مكانه آخر يريد أن يحكم مصر من طريق محاصرة الأفكار والرأي والحرية واستخدام وسائل القهر والتعذيب والاستيلاء على كل شيء. وتطرق «الشاويش عبدالعال» لأهمية التوعية وتحكيم العقل والضمير وعدم الانجراف وراء من يريد تغييب العقول. وتساءل: «هل يجوز شراء إرادة محدودي الدخل ببعض المنتجات واستغلالهم، لتمرير القرارات السياسية بدلاً من العمل على سد متطلباتهم؟». وتوقع: «نشوب ثورة جياع، لكننا قادرون على المقاومة». وحول تشويه الإرث المصري الفني والثقافي والاعلامي، قال: «كل المنابر الإعلامية في خطر شديد، فكل ما يعرض على الفضائيات من أعمال فنية أو برامج تتعرض لحملة من التخوين والنقد. ولكننا سنواجهه تلك الهجمة بالأعمال الفنية التي تطرح القضايا وتظهر السلبيات، إذ لا بدّ من التعبير عن آرائنا بحرية كاملة من دون خوف». ويبدأ بطل «عرفة البحر» و»ابن ليل» تصوير مسلسل «جداول» الذي سيعرض في شهر رمضان المقبل. وهو عمل درامي اجتماعي من اخراج عادل الأعصر، ويناقش ما يدور في مصر حالياً. وستُشارك بدير البطولة فيه الممثلة سهير رمزي، بعد غياب طويل عن الشاشة الصغيرة. ينتقد بدير الأعمال الفنية التي تتناول الثورة المصرية، آسفاً لكون «بعضها يصبّ في خانة المزايدة». ويضيف: «الثورة ليست علم مصر وميدان التحرير فقط، وعلى العمل الذي يتناول ثورة شعب أن يكون جيداً بوزن هذه الثورة وأهلها وضحاياها. والأمر يحتاج الى سنوات كي نحلّل ونؤرخ ونوثّق بشكل موضوعي وجدي لكل تفاصيلها». ورأى أن «الأعمال الهادفة التي كانت تنتقد الأوضاع المتردّية في المجتمع المصري قبل الثورة، ساهمت بشكل غير مباشر في تفجيرها، وهو ما تناولته شخصياً في مسرحية «دستور يا سيادنا» التي كانت تنتقد الأوضاع السياسية آنذاك، وتدعو الى الانتخاب على أساس الترشح وليس بالاستفتاء». وذكر «أفلاماً مثل «طيور الظلام» و»البريء» وغيرها من الأعمال التي ساهمت في تسليط الضوء على الجوانب السلبية في المجتمع». وعن سبب تراجع شركات الانتاج الحكومية عن تبني الأعمال الدرامية والانزعاج الشديد مما يحدث الآن على الساحة السياسية والوضع الاقتصادي المتأزم، قال: «الانتاج الآن أصبح مخاطرة ومن ينتج عملاً لا يعلم هل سيعرض أم سيتوقف. الأمر الذي دفع العديد من القنوات إلى عدم شراء الأعمال إلا بعد إنجازها تماماً». وأسِف لحال المسرح الذي توقف بسبب الفوضى والانفلات الأمني، مؤكداً أن «مصر لن تتقدم من دون فنها». وحذر بدير من شراء وزارة الاعلام المصرية أعمالاً درامية تركية لعرضها في شهر رمضان المقبل عبر القنوات المصرية. وقال: «اندهش من إعجابهم بتلك الدراما، على رغم ما تحويه من أفكار بعيدة عن المجتمع المصري. هم يريدون إبعاد الأعمال المصرية كي لا نتناول ما يحدث في الوطن حالياً. لكننا سنواصل رسالتنا وسنقاوم مثلما قاومنا الاحتلال، لأن الغزو الفكري أشد وأقوى من الغزو الحربي... ودورنا كفنانين يتمحور على القضاء على الجهل والظلم والمقاومة من أجل بقاء مصر والفن والثقافة والحرية». كما شدّد على أن أخطر ما يفعله النظام الحالي هو «كمّ الأفواه»، متحسراً على أيام النظام السابق الذي كان يترك مساحة للنقد والتحدث بحرية وإن محدودة». واختتم: «ثُرنا على نظام مغروز بعناصر فاسدة، لتحل محله سلطة كل عناصرها فاسدة، فضلاً عن عدم تمتعنا بإدارة حكيمة للبلاد».