قلّل مدير مؤسسة التمويل الدولية جين يونغ تساي من حجم القلق في الأوساط المالية والاقتصادية العالمية من وضع الاقتصاد المصري المتأزم، مؤكداً أن المرحلة الانتقالية تمثل تحدياً بالغاً، ولكن إمكانات الاقتصاد المصري الكامنة تبقى قادرة على تحقيق التعافي ومن ثم النمو. وعلى رغم «التحديات الكثيرة»، أكد تساي مراراً أنها تبدو كذلك على المدى القريب، ولكن المجتمع الدولي ومؤسسة التمويل الدولية يأملان في أن تعبر مصر بسلام، وهو ما يعتمد أساساً على القرارات والسياسات التي تتبعها القاهرة من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى، والتي ستكون بمثابة العلامة المبشرة للمستثمرين في الداخل والخارج. وأشار إلى أن هذه العلامة وما تحويه من إجراءات وقرارات يعيها جيداً رئيس الوزراء المصري هشام قنديل ووزراء المجموعة الاقتصادية الذين قابلهم خلال زيارته الأولى إلى القاهرة. ووصف اللقاء مع قنديل والوزراء بال «جيد» وتطرق إلى سُبل تشجيع استثمارات القطاع الخاص التي باتت ضرورة ملحّة، لا سيما أنها الطريقة الوحيدة التي ستؤدي إلى خلق فرص عمل. ورداً على سؤال حول المشاريع المقترحة في محور قناة السويس وإمكانات الشراكة الحكومية والقطاع الخاص في هذا الشأن، أكد تساي أن قنديل لمح إلى إمكانات الاستثمار في عدد منها، لكنه يعلم في الوقت ذاته أن ذلك يعتمد على إرسال الإشارة المطلوبة إلى المستثمر الباحث عن الثقة والاستقرار والأمان، إضافة إلى القرارات الحكومية المطلوبة لخلق أجواء جاذبة لاستثمارات القطاع الخاص. وعلى عكس ما يعتقد كثير من المحللين الاقتصاديين، لفت تساي إلى أنه شعر بأن قنديل والوزراء المعنيين بالملف الاقتصادي يعون جيداً أهمية وحتمية مثل هذه القرارات وخلق الأجواء المناسبة للخروج من الأزمة الراهنة، معبراً عن أمله بأن يُترجم هذا الشعور سريعاً. «أوراسكوم» على رغم أن ملف أزمة «أوراسكوم»، الشركة التي تُعتبر مؤسسة التمويل الدولية أحد المستثمرين فيها، لم يطرح بالاسم خلال المقابلة الرسمية، إلا أن تساي قال إن المؤسسة يهمها أن يصل الطرفان، أي الحكومة والشركة، إلى اتفاق يحترم القواعد المنظمة، إضافة إلى ضرورة مراعاة الحفاظ على الإشارة الإيجابية اللازمة لجذب المستثمرين. وأضاف: «نتفهم وجود بعض المراجعات، ولكنها يجب أن تحصل بشفافية ومن دون الإخلال بالقواعد والقوانين وبثقة المستثمر المحلي والأجنبي». ونظراً إلى الجدل السائد حول وجود هذه الإشارة، أو العبث بها أو تجاهلها في خضم الوضع الاقتصادي الملتبس والمشهد السياسي المتأزم، أكد تساي أن المؤسسة تعمل على مساعدة الحكومة خلال هذه المرحلة الصعبة، لا سيما أن لدينا خططاً طموحة للاقتصاد المصري، ودورنا ينص على أن نكون العامل المحفز لجذب الاستثمارات، والتي لا يُقصد منها المال فقط، بل ما يعنيه ذلك من دفع الاقتصاد إلى الأمام. وشدّد على أن جهود المؤسسة لم تتأثر سلباً بالمرحلة الانتقالية الملتبسة وعدم الاستقرار، بل التزمت خلال العامين الماضيين بتمويل 11 مشروعاً ب723 مليون دولار، منها 191 مليوناً للتعبئة ورؤوس الأموال، إضافة الى تقديم خدماتها الاستشارية الهادفة إلى زيادة فرص الحصول على التمويل، ودعم تطوير المشاريع الصغيرة لتعزيز الأنظمة التجارية. وتناول اللقاء مع قنديل والوزراء سُبل تعزيز ثقة المستثمرين ودعم المشاريع الصغيرة، وتشجيع تطوير مشاريع البنية التحتية التي تساعد في حل مشكلة البطالة. وشدد تساي على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية.، لافتاً الى ان مؤسسة التمويل حريصة على تمكين النساء من خلال الاقتصاد، ما ينعكس في الكثير من أنشطة المؤسسة منذ تأسيسها، لا سيما عبر تشجيع المشاريع الصغيرة والصغيرة جداً للنساء، وتمويلها. أما عن التحديات التي تواجهها مصر، فأوضح أنها «في أمس الحاجة إلى استثمارات، وعلينا أن نعي أن تكوين رؤوس الأموال كان بطيئاً، وبينما يستمر عدد السكان في الزيادة المطردة من دون وجود الاستثمارات المطلوبة، فستستمر مصر في مواجهة مزيد من الأزمات». ونصحها بالتركيز على البنية التحتية، وتأمين وظائف، وتدريب العاطلين من العمل، والتعليم من أجل التوظيف، وتحسين الخدمات، لا سيما في مجالات مثل السياحة. ويُتوقع أن تشمل جولة تساي في المنطقة، الأردن والسعودية.