قررت «مؤسسة التمويل الدولية» المضيَّ قدماً في مساعدة أسواق الدول العربية المتأثرة سلباً ب «الربيع العربي» عبر زيادة آليات تعزيز الثقة المالية، والمساهمة في خلق فرص عمل للشباب. وأشار المدير الإقليمي ل «مؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، وهي ذراع مجموعة البنك الدولي المعنية بالتعامل مع القطاع الخاص، إلى الكثير من القروض التي قُدّمت لمشاريع في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة، والتي وصفها ب «جهود إعادة الثقة بالأسواق العربية التي تأثرت سلباً بالثورات»، وأبرز تلك القروض حصلت عليه شركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة»، وقيمته 100 مليون دولار، بهدف توفير رأس المال اللازم لتوسيع عملياتها في المنطقة. وعلى رغم أنها ليست من الشركات الصغيرة، أو حتى المتوسطة التي تدعمها المؤسسة عادة، إلا أنها «من أكبر الشركات المشغلة للأيدي العاملة، وإحدى زبائننا في المنطقة»، كما أعلن مدير المؤسسة مؤيد مخلوف. ونفى أن يكون المشهد السياسي الذي يغلب عليه التخبط وعدم الاستقرار، أثر على نشاط المؤسسة في دولة مثل مصر، وقال: «عملنا يرتبط بالقطاع الخاص أولاً، وطالما توجد أنشطة اقتصادية في دولة ما ولم تُغلق بوابة الاقتصاد تماماً، فإننا نتابع عملنا، والقطاع الخاص مستمر في العمل في مصر، التي نعتبرها دولة رئيسة في المنطقة، ونحن ماضون في مساعدة السوق على استعادة الثقة، ودعم القطاع الخاص». وشدّد على أن «الثورات الأخرى في المنطقة أثبتت، خلال الفترات الانتقالية التي يطغى عليها عدم الاستقرار السياسي، ان العبء الاقتصادي الأكبر يكون على عاتق القطاع الخاص»، مشيراً إلى أن «ثورات الربيع العربي وما كشفته من عوامل اقتصادية شكلت الجانب الأكبر من دوافعها وأهدافها، أكدت أنّ لا سبيل للقطاع العام والحكومي لأن يكون اللاعب الوحيد على الساحة الاقتصادية». وأضاف: «نحتاج إلى إعادة الثقة إلى السوق، وعلى عكس الكثير من الشركات والمؤسسات المالية الأخرى التي اتخذت خطوة إلى الوراء انتظاراً لما ستسفر عنه الرياح الربيعية، قررنا أن نكون مشاركين وفاعلين في شكل أكبر». ولفت إلى أن «الشراكة في دول الربيع العربي يجب أن تكون محسوبة، فمثلاً المشاريع التي تتطلب شراكة القطاعين العام والخاص تحتاج إلى حد معين من الاستقرار السياسي، الذي قد يكون مفقوداً في بعض الدول، ففي مصر أوقفت المؤسسة عقدَيْ تطوير مستشفى الإسكندرية ومشروع «إصلاح»، وهو مؤشر تطوير قطاع الأعمال المصري، بانتظار مزيد من الاستقرار السياسي». وجهان لعملة واحدة وأوضح أن «السياسية والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، والوجه الآخر لنهضة الدول العربية هو التكامل الاقتصادي بينها، والكل يعلم أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأقل اندماجاً عالمياً، ونحن نعمل على مشاريع من شأنها دعم الاندماج والتكامل العربي الاقتصادي من خلال نشاطات تجارية وفرص عمل، وعبر زبائننا، لاسيما في الخليج العربي والمغرب العربي ومصر، ممن لديهم الاستعداد والقدرة على الاستثمار في دول المنطقة». يُذكر أن معظم المستثمرين في منطقة الخليج كانوا يركِّزون على الاستثمار في دولهم، إلا أن بعضهم توسع ليفوق حجم أسواقه المحلية وبدأ ينظر إلى أسواق خارج حدوده. ولفت مخلوف إلى أن «من الطبيعي أن ينظر هؤلاء إلى دول أخرى قريبة، أي دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهنا يأتي دور المؤسسة من خلال زبائنها، الذين يتيحون لنا بناء علاقات بين المستثمر والمنطقة، أو المكان الذي يمكن أن يستثمر فيه، وهؤلاء نسميهم أبطال المنطقة». وعلى رغم الأخطار المالية التي تحيط بالاستثمار في بعض أسواق المنطقة، لاسيما تلك التي تمر بمراحل انتقالية، فإنها تصب أحياناً في مصلحة الجميع، فمستثمر القطاع الخاص يميل بطبيعته إلى خوض أخطار من هذا النوع، إذ إنها كثيراً ما تضمن نظم تسعير ذات درجة تنافسية عالية، إضافة إلى أنه قد يكون اللاعب الأوحد، أو ضمن عدد قليل من اللاعبين، ما يضمن ربحاً وفيراً. وتاريخياً، دأب مستثمرو دول الخليج العربي على الاستثمار إما في أسواقهم أو في أسواق الغرب، وحالياً هناك اتجاه نحو الاستثمار في دول المنطقة العربية. وتصب تلك الجهود في نهاية المطاف في نقطة البداية، اي خلق فرص عمل للشباب العربي الذي مازال يعاني من ويلات البطالة. كما ان مشاريع البنية التحتية قادرة على توفير ملايين فرص العمل، إضافة إلى أنها تضمن هامشَ ربحٍ جاذباً لمستثمري القطاع الخاص. وكانت دراسة حديثة للبنك الدولي أظهرت أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى نحو 106 بلايين دولار سنوياً لبُناها التحتية حتى عام 2020. ويُذكر أن «مؤسسة التمويل الدولية» تعمل على تأسيس صندوق عربي للبنية التحتية قيمته نحو 300 مليون دولار، تُموِّل جزءاً منها بالتعاون مع «البنك الإسلامي للتنمية»، في حين يُقدّر حجم الاستثمارات السنوية للمؤسسة في الشرق الأوسط وأفريقيا بنحو 2.4 بليون دولار.