أعلن وزير المال المصري ممتاز السعيد أمس، أن «عجز الموازنة بلغ 50 بليون جنيه نحو (8 بلايين دولار) خلال الربع الأول، في مقابل نحو 37 بليوناً خلال الربع المقابل من العام السابق». وفي السنة المالية الماضية 2011-2012 بلغ إجمالي عجز الموازنة 170 بليون جنيه توازي 11 في المئة من الناتج المحلي. وتضرر اقتصاد مصر لأكثر من سنة ونصف سنة نتيجة اضطرابات سياسية بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي، ومازال المستثمرون عازفين عن سوق كانت مفضلة لديهم في السنوات السابقة. وبسؤاله عن أسباب العجز وهل عدم تطبيق إعادة هيكلة دعم الطاقة حتى الآن هو السبب الرئيس أجاب «هو أحد الأسباب. هناك أسباب أخرى للعجز». وكان السعيد أكد أن البلاد ستواجه أزمة اقتصادية بعد أن بلغ الدعم نحو 28 بليون جنيه خلال الربع الأول ومن المتوقع أن يتجاوز 120 بليوناً بنهاية السنة المالية 2012-2013، إذا لم تعد هيكلة منظومة دعم المواد البترولية في مصر بأسرع ما يمكن. وتعتبر مسألة ترشيد الدعم الذي يمثل نحو ربع الإنفاق الحكومي، حاسمة لحصول مصر على قرض عاجل بقيمة 4.8 بليون دولار من صندوق النقد الدولي لمساعدتها في سد العجز المتفاقم في الموازنة. الى ذلك يعتزم رئيس البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير سوما شاكرابارتي، إجراء مفاوضات في القاهرة أواخر الشهر الجاري مع وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري أشرف العربي، في إطار تعزيز الثقة بالاقتصاد المصري وبمناخ الاستثمار عموماً، ومناقشة سبل استفادة مصر من البنك وموارده ودعم القطاع الخاص وتعزيز التجارة وتنمية قطاع الزراعة، في ظل بدء البنك الأوروبي أول عملياته في مصر قبل نهاية السنة. وينوي العربي طرح جهود حكومته لمواجهة التحديات التي تواكب عملية التنمية الشاملة في مصر، في إطار الشفافية ومكافحة الفساد، بما يضمن تحقيق أهداف ثورة 25 يناير. إلى ذلك، أفاد العربي، بصفته ممثل مصر لدى البنك الدولي، بأن الأخير يولي أهمية خاصة للاختلافات الكبيرة بين الدول ذات الدخل المتوسط، ما يتطلب تقديم برامج أكثر مواءمة لحاجات كل دولة عبر تنسيق الجهود بين مختلف شركاء التنمية، ما يساعد على تقليص التكاليف وزيادة فعالية التعاون الإنمائي. وأكد أهمية أن تكون مؤسسات مجموعة البنك الدولي أكثر سرعة ومرونة في الاستجابة لطلبات الدول، ما يحتاج بدوره إلى إعطاء سلطة أكبر للمسؤولين في مقرات البنك الدولي المختلفة حول العالم. واجتمع العربي مع نائب الرئيس التنفيذي للوكالة الدولية لضمان الاستثمار، ايزومي كوباياشي، لمناقشة إمكان استضافة مصر مؤتمراً مطلع العام المقبل برعاية مشتركة من الوكالة ومؤسسة التمويل الدولية، بالتنسيق مع وزارة الاستثمار المصرية، لتشجيع الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية والترويج لأهم فرص الاستثمار والشراكة بين القطاعين الخاص والعام. يذكر أن مجلس إدارة الوكالة الدولية لضمان الاستثمار وافق على استئناف نشاطها في مصر بعد توقّفه منذ العام 2005، عبر قيام الوكالة بتوفير 150 مليون دولار لإعادة تأمين جزء من التأمين الأساسي المقدم من شركة «أوبك للتأمين» إلى شركة «أباتشي» العالمية لدعم استثماراتها المشتركة في النفط والطاقة مع الهيئة المصرية العامة للبترول. وكان العربي التقى نائب الرئيس التنفيذي المسؤول الأول لمؤسسة التمويل الدولية جين يونغ كاي، يرافقه نائبه لمنطقة أوروبا الوسطى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ديمتريوس تستيرغوس. وأشار إلى أن من أولويات الحكومة المصرية تطوير البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار، وخلق فرص عمل للشباب وتنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأوضح أن لدى الحكومة قائمة بعدد من المشاريع الاستثمارية ذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة. وأعلن كاي بعد اللقاء استعداداً تاماً لدعم مصر في رفع كفاءة استخدام الطاقة والشراكة بين القطاعين العام والخاص في مشاريع البنية التحتية في قطاع الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، بما يسمح بزيادة استثمارات المؤسسة في مصر إلى نحو 500 مليون دولار سنوياً. وأشار تستيرغوس إلى أهمية مواجهة تحديات الاستثمار في مصر، وأكد العربي اهتمام الحكومة بهذا الموضوع عبر آلية فضّ نزاعات الاستثمار وتقديم دعم للقطاع الخاص. من ناحية أخرى، التقى العربي وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الاقتصادية، روبرت هورماتس، لبحث سبل تفعيل حزمة المساعدات الاقتصادية والتنموية التي ستقدمها الولاياتالمتحدة لمصر خلال الفترة المقبلة. ووعد المسؤول الأميركي بتسريع إنهاء الإجراءات المطلوبة في أقرب وقت ممكن، دعماً لجهود الإصلاح الجارية في مصر في هذه الفترة التاريخية.