ومن أصعب اللحظات... «لحظات الوداع» والتي تعتري النفوس البشرية بكسرة «القلب» ودمعة «العين» على فراق «الحبيب»، خصوصاً بعد لقاء طال انتظاره، وصاحبه الشوق والحنين لأعوام أو عقود أو عمر بأكمله. ولكن الحال التي يعيشها حجاج بيت الله الحرام قد يكون مغايراً نوعاً ما، إذ يخالط «حزن الوداع» «فرحة» تحقيق الحلم الذي طالهم «زمناً»، ليودعوا بيت الله الحرام ب «دمعة الفراق» طالبين منه قبول مناسكهم، بعد أن دخلوها ب «دمعة اللقاء» حامدينه على «خر» رؤوسهم له في أرضه المقدسة، مهللين ومكبرين، لابين دعوته بقولهم «لبيك اللهم لبيك ...لبيلك لا شريك لك لبيك». وبعد أن أقبلت أفواج حجاج بيت الله الحرام «ظمأى الحنين ..لهيفة النظرات»، وبعد أن ملأت أصداء التهليلات والتكبيرات أرجاء وادي مكةالمكرمة، تودع هي الأخرى عباد الله بعد أن ألفتهم لأيام أقسم الله بعظمتها، بوداع «الفرح» كون أنها «البقعة المختارة» بين سائر بقاع الأرض لتكون ملتقى الرحمن بضيوفه، ومرتع هوى أفئدة من الناس، وعليها تكتمل أركان دينهم الإسلامي. وها هي عدسة «الحياة» ترصد وادي مكةالمكرمة أمس، في مشهد يحتضن فيه أحد معالمها «برج الساعة» الحرم المكي الشريف في لحظة ابتسامة، إذ أشارت عقاربها إلى الساعة الثانية و50 دقيقة وكأنها تودع حجاج بيت الله الحرام ب «ابتسامة عقاربها» ولسان حالها يبشرهم بقول: «يا فوز من لبى وعاشت روحُه أحلى ثواني العمر في عرفاتِ»