تشهد سويسرا بداية تراجع لأسعار العقارات في وقت لا تزال تعيش عصرها الذهبي في دول مجاورة وصلبة مالياً، مثل لوكسمبورغ وإمارة موناكو. ويرصد خبراء محليون هوس المواطنين المقيمين من الطبقات الوسطى والعليا في شراء العقارات من مختلف الأحجام، لأنها في رأي السويسريين، تبقى ضمانة مستقبلية لا تؤمّنها لهم فرص استثمارية أخرى حتى لو كانت خاضعة لبرامج مسهّلة تقف وراءها المصارف المركزية. ويمكن صاحب العقار التأجير في مقابل دخل شهري يتراوح بين 3 آلاف فرنك سويسري و10 آلاف في المدن السويسرية المهمة. كما يمكنه اختيار العملية من دون تكبد أية خسارة. ويرى محللون أن تراجع أسعار العقارات ربما يكون له صدى سلبياً في قرارات أصحاب العقارات. ولرصد التطورات في مجال العقارات السويسرية، يعتمد السويسريون كثيراً على مؤشر العقارات التابع لمصرف «يو بي أس» الذي يطغى عليه الركود حالياً، ما يعني أن نشاط العقارات السويسرية بدأ يدخل منطقة القلق. وانتعشت أعمال العقارات وأسعارها في السنوات الأخيرة، بفضل سياسة المصرف المركزي السويسري الذي عرض أسعار فائدة متدنية جداً، ولا نية لديه لرفعها مهما كانت الظروف. كما يعود جزء من هذا الانتعاش إلى تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى سويسرا الذين حصلوا على وظيفة، تضمن لهم ما لا يقل عن 50 ألف فرنك سويسري سنوياً، وهم تمكنوا بفضل برامج تمويل مسهلة، من شراء شقة بالتقسيط المريح. ويشير مراقبون إلى أن في سويسرا حالياً سبعة ملايين عقار، على رغم أن السوق العقارية المحلية لا يمكن اعتبارها مشبعة بعد، لكن زيادة أعداد العقارات تسجل 2.5 في المئة سنوياً، إذ يُستخدم الفائض التجاري الحكومي والخاص في قطاع البناء وبنية المواصلات التحتية. لكن استمرار النمو بوتيرته الحالية، ربما يولد حالاً من الفراغ في الطلب المحلي على شراء العقارات او تأجيرها. وهكذا، قد تجد سويسرا ولكن ليس على الأمد القصير، نفسها أمام حالة من الشلل العقاري نتيجة كثرة الشقق أو العقارات الفارغة. علماً أن كل عقار يؤجّر يدرّ على صاحبه مردوداً سنوياً قد يتخطى 3 في المئة من قيمته. وتكمن خطط الإدارات العقارية في الكانتونات في تشجيع الاستثمارات المشتركة وتحديداً في القطاع السياحي، بين رجال أعمال سويسريين وأجانب (آسيويون وخليجيون)، لبناء مجمعات سكنية بعضها قريب من السفارات والقنصليات. ويمكن أن تصل كلفتها الإجمالية إلى ما يزيد على 100 مليون فرنك سويسري. ولتفادي أي فقاعة عقارية محتملة في الأسواق السويسرية، يميل الاتجاه إلى البناء وفق الطلب الذي يقرره رجال أعمال سويسريون وأجانب.