تواجه حكومة برن ملفاً استثنائياً يتعلق بفرض قوانين جديدة في أسواق العقارات المحلية. ولا بد من الإشارة إلى أن الإدارة السياسية والمالية ربما تأتينا بمفاجآت، إذ من المعروف أن سويسرا تعتبر منذ عشرات السنين، مركزاً عالمياً للأموال الشرعية وغير الشرعية. وينظر الى السوق العقارية السويسرية على انها المرجع الأول لمديري تبييض الأموال الذين ينجحون في تحويل ما لا يقل عن 600 مليون فرنك سويسري سنوياً، إلى أموال نظيفة تودع في أبرز المصارف السويسرية. وتواجه المصارف السويسرية حالياً، صعوبة في تعقب حركة تدفق الأموال غير الشرعية إليها، ويقدر الخبراء قيمة هذه الحركة بستة تريليونات دولار سنوياً، من دون احتساب قيمة التداولات المصرفية داخل سويسرا. وفي العادة، لا تسأل المصارف السويسرية زبائنها الأغنياء خصوصاً الأجانب عن أحوالهم الضريبية. صحيح أن التساهل المصرفي يتخذ طابعاً تاريخياً، وطالما ساعد في جذب آلاف الأغنياء إلى سويسرا. لكن، ولمكافحة تبييض الأموال عبر بيع العقارات وشرائها، ستتخذ حكومة برن قريباً إجراءات صارمة، يجب أن تتقيّد بها المصارف بدقة، وإلاّ تتعرض لملاحقات قانونية، سيقودها المصرف المركزي السويسري، عدا عن غرامات مالية ستضع المصارف المخالفة في أوضاع حرجة خصوصاً بالنسبة لسمعتها. وستقضي الإجراءات الخاصة بأسواق العقارات، بعدم السماح للمشترين بدفع مبلغ يفوق نصف مليون فرنك سويسري نقداً. هكذا، يبقى الحل الوحيد في دفع ثمن العقار من طريق المصرف كي تُرصد الصفقة التجارية وتُخضع لمجهر المراقبين المصرفيين. وفي حال اشتبه المراقبون بأي أمر، لن يتأخروا في استدعاء المشتري للتحقيق معه. وبالطبع، توجد عقارات يقلّ ثمنها عن 500 ألف فرنك، لا تزال تسمح لمشتريها بالدفع نقداً. ولا يستبعد المحللون تبني هذه الإجراءات، التي تشهدها سويسرا للمرة الأولى في تاريخها، في أسواق أخرى في مقدمها أسواق المنتجات الفاخرة واليخوت. وتنجو من هذه الإجراءات حتى الآن، الشركات السويسرية القابضة التي لا تزال قادرة على بيع أسهمها من أشخاص، يرفضون إعلان هويتهم الحقيقية. ومن بين أكثر من 70 نوعاً من الأسواق الصناعية السويسرية، التي تحتضن مجموعات كبرى من المستثمرين المعروفين والمجهولين، ستنال سوق العقارات وتحديداً الفاخرة، حصتها في خطوات حكومة برن الصارمة. ولا يمكن الجزم بأن هذه الخطوات ستقضي على عمليات تبييض الأموال نهائياً. كما لم تبرز ثمارها بوضوح. ولا يستبعد مراقبون، مناورات التفافية حول هذه الإجراءات لتفاديها. كما باتت تحركات حكومة برن معروفة مسبقاً، لكل مَن يريد الاستثمار في سويسرا. وفي مقابل كل إجراء تقرّه حكومة برن، ثمة مئة مناورة من المستثمرين، في سعي إلى التهرب من أي خطوة خانقة بحقهم. ومع ذلك، ستطاول الإجراءات العقارية المستثمرين الأوروبيين أولاً، بموجب الاتفاق السويسري - الأوروبي «ميدفيد»، الذي لا يترك مجالات واسعة لإتمام الصفقات التجارية نقداً.