لا شك في أن الراحة التي تعيش فيها الطبقات الوسطى والغنيّة في سويسرا، تساعد النشاط العقاري على الانتعاش، حتى في أسوأ الأزمات المالية التي مر بها العالم. فمن جهة لم تتأخر الطبقات الوسطى والغنية في شراء العقارات، لتأجيرها أو العيش فيها. ويقبض الأغنياء وشركات عقارية بيد حديدية على مشاريع البناء في الكانتونات السويسرية، التي تعتمد على أسس صديقة للبيئة تجعل صفقات الشراء والبيع أسهل كثيراً من أي وقت مضى. علماً أن سعر العقار بات يرسو على ما معدله مليون فرنك سويسري، أما الأراضي المعروضة للبيع والصالحة لأعمال البناء فإن أسعارها تختلف بين كانتون وآخر، علماً أن هذه الأراضي في الكانتونات الناطقة بالفرنسية هي الأغلى. وفي الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، زاد عدد الشقق المبنية والجاهزة للبيع أو الإيجار، نحو 4.5 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، إلى عشرة آلاف شقة وفيلا حديثة البناء. وتحظى مدن جنيف وزيوريخ وبازل والعاصمة برن بحصة الأسد في هذه الشقق الجديدة، على عكس مدينة لوزان التي تشهد تراجعاً في الحركة المعمارية. أما إمارة ليشتنشتاين، الواقعة على الحدود بين سويسرا والنمسا، فإن الأعمال العقارية انتعشت فيها نحو 13 في المئة هذه السنة مقارنة بالعام الماضي. ويتركز معظم المشاريع الفيديرالية المهمة في جنيف وزيوريخ وبرن وبازل التي تزداد كثافتها السكانية، نظراً إلى تدفق عدد كبير من الموظفين الجدد إليها. وعلى صعيد المناطق السياحية، ومعظمها في جبال الألب التي تعتبر الوجهة المفضلة للسائحين الخليجيين، صيفاً وشتاء، فإن انتعاش الأعمال العقارية سجل 6.5 في المئة العام الماضي، من ضمنها بناء فنادق جديدة وشقق متوسطة وكبيرة لاستقبال السياح. إلى ذلك، تقلّص عدد رخص البناء في المدن السويسرية الكبرى في العام الجاري، في حين لوحظ ارتفاعها في المناطق الريفية والجبلية. وزادت رخص البناء في مدينة زيوريخ نحو 2 في المئة، في حين تدهور عددها في شكل لافت في المدن السويسرية الكبرى، مثل جنيف التي سجلت تراجعاً بنسبة 60 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وفي ما يتعلق برخص بناء الفيلات الفاخرة، فإن معدلها في كل الكانتونات السويسرية قفز نحو 6 في المئة، مقارنة بالعام الماضي. وتستقطب هذه الفيلات سويسريين أغنياء وأجانب (الروس خصوصاً)، وقد يصل سعر كل واحدة منها إلى أكثر من ستة ملايين فرنك سويسري.