صحيح أن الحرب بين إيطاليا وفرنسا انتهت منذ أكثر من ستين عاماً، لكن الحرب التجارية التي اندلعت بين هذين البلدين الأوروبيين، منذ أكثر من عشرين عاماً، تطاول سويسرا اليوم التي دخلت حلبة التنافس معهما، لاستقطاب الأغنياء الروس الذين يملكون مئات بلايين الدولارات. ويُقدّر عددهم بأكثر من خمسين ألفاً. علماً أن الحرب التجارية بين إيطاليا وفرنسا، انتقلت من حرب المواد الغذائية والألبسة، إلى استراتيجيات ترويج ذكية لاستقطاب الأغنياء الروس لشراء العقارات الفاخرة على أراضيهما. وتنجح مدينة لوغانو السويسرية في استقطاب الأغنياء الروس لزيارتها وشراء عقاراتها الفخمة، بين حين وآخر. وتسعى كانتونات سويسرية كثيرة إلى تحقيق حركة أعمال عقارية منتعشة مع الأغنياء الروس، مشابهة لتلك التي ترعاها فرنسا وإيطاليا. إذ نجحت بلدية «نيس» الفرنسية في مضاعفة الاستثمارات الروسية في أعمالها العقارية، من 12 بليون دولار عام 2007، إلى 12.5 بليون حالياً. ويقدر الخبراء الاستثمارات الروسية العقارية وغيرها في فرنسا بنحو 150 بليون دولار. وعلى رغم تركّز الاستثمارات الروسية في الأسواق العقارية الأوروبية الفاخرة «تقليدياً» حول لندن وساحل «كوت دازور» الفرنسي، ومدينة «ماربيللا» الإسبانية ومنطقتي «ريفييرا» و«توسكانا» في إيطاليا، إلا أن المدن السويسرية العريقة، باشرت توثيق استثماراتها في حملات الترويج السياحية والعقارية، لاستقطاب الأغنياء الروس الجدد إليها. إذ يُتوقع أن تشهد أسواق العقارات السويسرية الفاخرة أزمة طفيفة العام المقبل، لا يمكن مقارنتها بما حصل في دول أخرى مجاورة، مثل إيطاليا التي تعرض 55 ألف وحدة عقارية للبيع لتحصيل نحو 55 بليون يورو وردم الفجوة في موازناتها العامة. ولمكافحة أزمة كهذه، لا بد من إيجاد حلول سريعة ربما يكون أبطالها المستثمرين الروس والآسيويين. ويفيد المشغلون العقاريون، بأن فرص سويسرا التنافسية أمام إيطاليا وفرنسا للاستئثار بعدد كبير من المليارديرات الروس، في الأعوام الأربعة المقبلة جيدة جداً. على صعيد الاقتصاد الفرنسي، الذي لم ينمُ في الأشهر الخمسة عشرة الأخيرة، لا تزال أسعار العقارات الفاخرة صامدة، بعد تراجعها نحو 4.4 في المئة بين عامي 2008 و2009. أما أسعار العقارات الإيطالية الفاخرة في المناطق السياحية الشهيرة، مثل جزيرة «كابري»، فهوت 6 في المئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة. في كل الأحوال، تشهد الأسواق العقارية الفاخرة الإيطالية والفرنسية ندرة في السيولة المالية، وهذا الوضع لا تعانيه السوق العقارية السويسرية الفاخرة. ولا تزال العلاقات التجارية بين سويسرا وروسيا في بداياتها. ويشير الخبراء إلى أن الاستثمارات الروسية غير العقارية فيها، لا تتجاوز بليون فرنك مقارنة باستثمارات عقارية تصل إلى 5 بلايين فرنك. لكن يبدو أن المساعي السويسرية الرامية إلى إقناع المستثمرين العقاريين الروس بجدوى التوغل في القطاع العقاري السويسري، سيكون ورقة رابحة ستجعل سويسرا تستقطب نحو 15 في المئة من الاستثمارات العقارية الروسية في الخارج إليها في الأعوام الخمسة المقبلة.