عكست الانتقادات العلنية التي وجهها الرئيس الأفغاني حميد كارزاي لواشنطن بالتفاوض مع حركة «طالبان»، بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل كابول الأسبوع الماضي، حجم التشنج في العلاقة بين البلدين والذي يتوقع أن يزداد مع تحضير مرحلة انسحاب القوات الأجنبية القتالية من أفغانستان بحلول نهاية 2014، وتغير الحسابات الداخلية لكارزاي في مقابل حرص واشنطن على تحقيق أهداف بعيدة المدى في هذا البلد. وفيما أحرجت أجواء التشنج والعمليات الانتحارية، هاغل بصفته وزيراً للدفاع في زيارته الأولى لكابول، لم تتفاجأ واشنطن بنبرة كارزاي وكلامه الحاد الذي سبق أن استخدمه في مخاطبة الأميركيين. وأظهر التصعيد الكلامي للرئيس الأفغاني واتهامه واشنطن ب «مفاوضة طالبان رغم تنفيذها عمليات انتحارية» تأزم علاقته بالبيت الأبيض لأسباب عدة لا تنحصر في قضية المحادثات مع «طالبان»، إذ ترفض واشنطن تسليم كابول إدارة معتقل بغرام بسبب خشيتها من إطلاق معتقلين، في حين تعارض كابول منح حصانة قضائية للجنود الأميركيين الذين سيبقون في البلاد بعد نهاية 2014. وفي شأن المحادثات مع «طالبان» التي نفت الإدارة الأميركية مزاعم كارزاي حولها، أفادت وسائل إعلام أميركية بأن «قطر تتوسط في محادثات غير مباشرة للانفتاح على طالبان، وتعزيز قبول المجتمع الدولي لها». وأوردت مجلة «نيوزويك» أن «مسؤولين بارزين في الحركة، بينهم أمير خان متقي عضو الجهاز الإعلامي ل «طالبان»، وعبد الواسع نائب الرئيس السابق لجمعية الهلال الأحمر التي تديرها الحركة، توجهوا الشهر الماضي من مدينة كويتا الباكستانية إلى قطر، سعياً إلى إنشاء مكتب دائم للحركة في قطر. وفعلياً، بحث وزير الخارجية الأميركية جون كيري مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني خلال زيارته الدوحة الأسبوع الماضي، وسائل دعم الولاياتالمتحدة الجهود التي تبذلها قطر في هذا المجال. لكن هذا الأمر يرتكز على خطوط عريضة أميركية تستند إلى نبذ «طالبان» العنف، وانخراطها الكامل في العملية السياسية شرط قبولها كحركة سياسية. وكانت قطر عرضت فتح مكتب ل «طالبان» في الدوحة يتوقع إنجازه قريباً. وتدرك واشنطن أهمية استيعاب الحركة، وتحديداً جناحها السياسي، لإنجاح مرحلة ما بعد الانسحاب ودفع الحركة نحو خط أكثر اعتدالاً لتفادي عودة تنظيم «القاعدة» إلى كابول، ما يخلق تجاذبات سياسية داخل أفغانستان ويزيد حدة التشنج بين كارزاي وواشنطن. لكن حاجة كلاهما للآخر ولحماية كارزاي أمنياً وعسكرياً في مقابل ضمان استقرار أفغانستان، تحتم نهاية الأزمة قريباً، عبر مفاوضات تشبه تلك التي أجراها كيري مع كارزاي قبل 4 سنوات من اجل دفعه إلى قبول إجراء دورة ثانية للانتخابات الرئاسية التي أثير جدل حول نتائج دورتها الأولى.