استغلال موسم الحج في العمل، جعل الكثير من العاملين يتجاهلون أدوارهم في الأيام الأخرى، إذ نسيت الجامعية «تهاني» دراسة الحقوق العامة، مفضلة مخالطة السفراء والدبلوماسيين وضيوف الدولة من روسيا والهند وخدمتهم في المشاعر المقدسة، في الوقت الذي تجاهل ضيوفها الدبلوماسيون والسياسيون مهامهم الرسمية، وتفرغوا للعبادة وأداء مناسكهم بحثاً عن الأجر والمثوبة. «تهاني» ذات ال 25 عاماً، عملت على خدمة الدبلوماسيين والسفراء بأحد الأبراج السكنية بالمشاعر المقدسة، إذ وجدت أن التعامل معهم فن يكتسب بالممارسة والعمل المتقن، كونهم -على حسب اعتقادها- وصلوا إلى المشاعر بحثاً عن العبادة والرفاهية في الوقت ذاته. وترى خريجة القانون التي ولدت لأم سعودية وأب يمني في حي «أجياد» المجاور للحرم المكي، من خلال حديثها إلى «الحياة» أن الحجاج من الفئة الأخرى، الذين يقدمون ضمن الحملات التي عملت بها سابقاً، مختلفون عن ضيوفها الحاليين، إذ إن طلباتهم متزايدة ودائماً ما يذكرونها بالمبالغ التي دفعوها لصاحب الحملة وكأنهم في رحلة سياحية. وأكدت أن العمل في الحج «متعة»، إذ تتعامل مع العمل وفق مقولة والدها «أهل مكة خدام الحجاج»، والتي منحتها تطبيقاً ميدانياً لاكتساب خبرتها وأسرارها بالممارسة من الصغر، فمن منزلها بشارع أجياد القريب من الحرم، كانت تساعد والدها في بيع المواد الغذائية والخضراوات والمشروبات في «الدكان» الصغير الذي يملكه طيلة موسم الحج والعمرة ويعمل به جدها من قبل. وقالت: «أحتك بالحجاج والمعتمرين طيلة العام وحينما لا أجد عقداً للعمل بإحدى الحملات لا أستسلم للأمر ولا أتمالك نفسي، وأضطر للنزول إلى الشارع لأتحدث مع الحجاج، كوني أحب التعامل معهم، مثلي مثل جميع أبناء مكة الذين يعتبرون أمر خدمة الحاج شرفاً لهم»، مضيفة: «لو رزقت بفتيات بعد زواجي سأعلمهن المهنة عند بلوغهن سن العاشرة». وتقود «تهاني» من سبعة أعوام، عدداً من الفتيات كمشرفة على خدمة 2000 حاج يسكنون 12 طابقاً غالبيتهم من السفراء والدبلوماسيين، بعد أن تعثرت الفرص أمامها للحصول على وظيفة مناسبة، بعد إنهاء دراستها للقانون خارج المملكة ويتم اختيار الفتيات من قبلها، مشترطة أن يتقن التعامل مع الحجاج، مشيرة إلى أن غالب من تختارهن من قريباتها ومن بينهن شقيقاتها اللاتي تدرس إحداهن اللغة الإنكليزية وتعمل معها في الحج.