أطلق الحكم في قضية «مذبحة بورسعيد» موجة من الحرائق والعنف بين الشرطة والمتظاهرين في مصر أمس، خصوصاً أن قرار المحكمة لم يُرضِ روابط مشجعي النادي الأهلي الذين ينتمي إليها ضحايا المذبحة ولا أهالي بورسعيد التي يتحدر منها معظم المحكومين. ووقعت احتجاجات واسعة في القاهرة وبورسعيد تخللها حرق منشآت، أبرزها مقر الاتحاد المصري لكرة القدم الذي تم نهبه. وقُتل شخصان في محيط ميدان التحرير خلال مواجهات مع الشرطة، فيما حاول محتجون في بورسعيد إعاقة الملاحة في مجرى قناة السويس. وكانت محكمة جنايات بورسعيد ثبتت أمس حكم الإعدام على 21 متهماً في المذبحة التي وقعت في شباط (فبراير) العام الماضي وسقط خلالها 72 من مشجعي النادي الأهلي، وعاقبت بالسجن لفترات متفاوتة 25 آخرين، أبرزهم مدير أمن بورسعيد السابق اللواء عصام الدين سمك والعقيد في الشرطة محمد سعد الذي كان يتولى مسؤولية تأمين بوابات استاد بورسعيد يوم الحادث، وحُكم كلاهما بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً. وبرأت المحكمة 28 متهماً، بينهم سبعة من قيادات الشرطة. وفي حين أججت الأحكام المشددة الغضب في بورسعيد، أشعلت تبرئة قيادات الشرطة غضب روابط مشجعي النادي الأهلي «ألتراس أهلاوي» التي استنكرت تجاهل الأحكام «القصاص من العنصر المدبر وهو الأخطر في القضية». واعتبرت ذلك «تشويشاً على عناصر معينة متهمة طالبنا بمحاسبتها من قبل، لذلك لن نقبل بالتهدئة من قبل النظام الحالي الحاكم والحامي للداخلية و(قادة) المجلس العسكري المعزولين». وشددت على أن «ما يحدث الآن في القاهرة هو بداية الغضب وانتظروا المزيد إذا لم يتم كشف كل العناصر المتورطة في المجزرة». وأحرق آلاف من أعضاء «ألتراس أهلاوي» مقر الاتحاد المصري لكرة القدم وبنايات عدة في نادي ضباط الشرطة في جزيرة الزمالك وسط القاهرة، بعدما اقتحموا المقرين واستولوا على كؤوس منهما وأمطروهما بالألعاب النارية والزجاجات الحارقة. وتدخل الجيش للسيطرة على الحريقين بمروحيتين للإطفاء. وأوقف المحتجون حركة سير قطارات الأنفاق لدقائق، كما قطعوا جسري أكتوبر وقصر النيل في وسط القاهرة، واشتبك بعضهم مع الشرطة قرب ميدان التحرير، ما أدى إلى مقتل متظاهرين وجرح عشرات. واستغل صبية الفوضى فهاجموا متاجر عدة في وسط القاهرة، وأحرق بعضهم مطعماً يمتلكه قيادي في «الإخوان المسلمين» وسيارات في المنطقة. ولم يختلف الأمر كثيراً في بورسعيد، لكن انسحاب الشرطة من الشوارع وتواريها في مقراتها خفف من الاضطراب، خصوصاً أن قوات الجيش التي تسلمت تأمين المقرات الحيوية أظهرت تضامناً مع أهالي المدينة خلال الأيام الماضية. وتجمهر مئات المحتجين على الرصيف الملاحي للميناء السياحي ومنطقة المعديات (العبارات الصغيرة) في محاولة لقطع طريق الملاحة، وأوقفوا بالفعل سير المعديات بين ضفتي القناة لفترة، قبل أن تتدخل قيادات في الجيش لإعادة تسييرها. ودفع شبان غاضبون بعدد من مراكب الصيد في المجرى الملاحي لقناة السويس في محاولة لتعطيل الملاحة، لكن زوارق تابعة لسلاح البحرية أعادتها إلى الشواطئ. وهاجم غاضبون معسكراً للأمن المركزي في بورسعيد بالزجاجات الحارقة وحطموا واجهة النادي المصري وقطعوا شوارع رئيسة، بعدما أشعلوا إطارات سيارات. ونظم آلاف مسيرات تجمعت أمام مقر المحافظة بعدما جابت شوارع المدينة تنديداً بالأحكام، ورشق متظاهرون مقر قوات الأمن في حي الضواحي وقسم شرطة بورفؤاد بالزجاجات الحارقة والحجارة. وبدأت قوى عدة تشكيل «لجان شعبية» لتأمين المناطق التي أعلنت الشرطة فيها العصيان. ورفض الناطق باسم الرئاسة إيهاب فهمي التعليق على أحكام القضاء، مشيراً إلى أنها «ملزمة ويحب احترامها». وأضاف في مؤتمر صحافي عُقد بعد تفجر العنف أنه «يجب التفريق بين التظاهرات السلمية وأعمال التخريب»، فيما قال مستشار الرئيس أيمن علي إنه «لا يجب إضفاء أي غطاء سياسي على أعمال العنف والتخريب»، داعياً إلى عدم «خلط أعمال العنف بالأزمات السياسية».