وصلت الأزمة السياسية في مصر إلى مرحلة خطرة بعدما تحولت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في مدينة بورسعيد المطلة على قناة السويس إلى صدامات بين قوات الشرطة والجيش أشعلتها إصابة قائد قوة الجيش المكلفة تأمين المدينة العقيد جودة العرايشي برصاصة في قدمه وصدم سيارة تابعة للشرطة مجنداً في الجيش واستخدام قوات الأمن المركزي العنف المفرط في فض المحتجين أمام مديرية أمن بورسعيد، حتى أن قنابل الغاز المسيل للدموع طاولت مدرعات الجيش المتمركزة أمام المبنى. وانتشر العنف في مدن أخرى، خصوصاً في المنصورةوالقاهرة، وأحرق متظاهرون سيارة للشرطة وسط العاصمة بعد مواجهات استمرت طوال الليل بسبب إقدام قوات الأمن على إخلاء ميدان التحرير الذي تمكن المتظاهرون من إحراق سيارتين للشرطة فيه بعدما طردوا عناصرها منه. وأُفيد بأن تفجر العنف على نطاق واسع في بورسعيد دفع الحكم إلى البحث في خيار إرجاء الانتخابات البرلمانية في المحافظة المدرجة ضمن المرحلة الأولى المقرر بدء الاقتراع فيها في 22 نيسان (أبريل) المقبل. ورغم نفي القوات المسلحة ووزارة الداخلية المتكرر حدوث أي اشتباكات بين قواتهما، إلا أن أشرطة مصورة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت تقدم آليات للجيش باتجاه مبنى المديرية واستهدافه بطلقات نارية، كما أطلق جنود في الجيش دفعات متتالية من أسلحة آلية على المبنى. وشارك قادة من الجيش في تشييع ثلاثة قتلى سقطوا بين المتظاهرين أمام مديرية الأمن، فيما قُتل ثلاثة جنود في الشرطة بالرصاص. وقالت وزارة الداخلية إن «مجهولين» أطلقوا النار على قوة تأمين المديرية فأوقعوا القتلى «بقصد إشاعة الفتنة وإحداث الوقيعة وتصعيد الموقف». وتعهدت القوات المسلحة في بيان لافت «تأمين أرواح ومقدرات أهالي بورسعيد والحفاظ عليها مهما كانت التضحيات»، فيما استغرب القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة عمرو موسى إصرار الحكم على إجراء الانتخابات في ظل وضع وصفه بأنه «مأسوي» في بورسعيد، مؤكداً إصرار الجبهة على مقاطعة الانتخابات. وبعدما شيع آلاف في بورسعيد قتلى الاشتباكات أمس، توجهوا إلى مبنى المديرية مجدداً، وهاجموه بالزجاجات الحارقة بكثافة، فردت قوات الشرطة بقنابل الغاز التي أصابت مدرعات الجيش ثانية، لكن قوات الشرطة لم تصمد أمام كثافة أعداد المتظاهرين، فاحترقت أجزاء عدة من المديرية والدور الأرضي من مبنى ديوان عام المحافظة ومبنى الضرائب العقارية. وأفاد شهود بأن قوات الشرطة ردت بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ما أوقع جرحى في حال الخطر، فيما شوهد أهالي يحملون مجنداً في الجيش بعدما اختنق جراء سقوط قنبلة غاز داخل قمرة قيادة مدرعة. وفي محاولة لاحتواء المواجهات، أعلنت وزارة الداخلية اعتزامها إعادة المدانين من المتهمين في قضية «مذبحة بورسعيد» إلى سجن المدينة عقب جلسة النطق بالحكم المقررة السبت المقبل لحين الانتهاء من إجراءات نقل السجن من موقعه الحالي. وذكرت أن هذا القرار «يأتي في إطار حرص الوزارة على التواصل الإيجابي وترسيخ أواصر الثقة مع المواطنين من أهالي بورسعيد، وفي ظل مشاعر الاستياء التي ألمت بأبنائها إزاء نقل المتهمين في أحداث ملعب بورسعيد وما تبعها من أحداث أدت إلى تداعيات تهدد حالة الأمن والسلم وتؤثر على السكينة العامة». وكانت الاشتباكات الأخيرة اندلعت بعدما أعلنت وزارة الداخلية نقل 39 من المتهمين في القضية إلى مكان مجهول. ومن المقرر أن تصدر محكمة جنايات بورسعيد السبت المقبل حكمها في قضية «مذبحة بورسعيد» التي راح ضحيتها 74 من مشجعي النادي الأهلي بعد مباراة لكرة القدم. وكانت المحكمة أحالت أوراق 21 متهماً على المفتي لأخذ رأيه في الحكم بإعدامهم، فيما بدأت روابط مشجعي النادي الأهلي «التراس أهلاوي» تصعيداً للمطالبة بإصدار أحكام مشددة ضد بقية المتهمين، فبعدما حاصرت أول من أمس مقر البنك المركزي في القاهرة وقطعت طرقاً، حاصرت أمس مقر البنك المركزي في الإسكندرية وقطعت طرقاً رئيسة في السويس. وعادت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في محيط ميدان التحرير، ما ادى الى سقوط عشرات الجرحى.