عناق الأيادي بتشابك الأصابع، سحابة تمطر قطرات لونها كلون الحياة لتغسل تعب الأجساد وتزيل قلق الوجوه وتكسر لحظات الجمود في ظل زحام الحجيج وتدافعهم، ما يزيد بياض موسم الحج بياضاً، ويضفي عليه نسمات رقيقة. ففي ركن بعيد تشاهد زوجاً يطوق زوجته حامياً لها من الزحام وزارعاً عبر طوق يديه كثيراً من الأمان في نفسها، وطفلة تعتصر يد والدها للتغلب على نازع الخوف من الازدحام والضياع وأخرى تنطلق في أرجاء منى بحبور تحت عيني والديها وما إن تلبث أن يصادفها ازدحام فتهرع لكي تقف بين يدي والديها ممسكة بأيديهما بكل طاقتها، وطفلاً ينثر القبلات على أيدي والدته عرفاناً لها وشكراً لتضحياتها. وهناك «أم» تحمل رضيعها لتضمه إلى حضنها وتلفه حول ذراعيها، ماسحة على رأسه بأطراف أصابعها برقة كلما حست باكتظاظ، و«مسنّة» تقبض على يدي ابنها بحب وهو يدفع عربتها ناقلاً لها بين جمع الحجيج، و«سيدات» اخترن أن يتماسكن بالأيدي كشبكة تسير بخطوة واحدة كي لا يفجئهن زحام يشتت شملهن، و«مجموعة أصدقاء» يسيرون متحاذين ويحفزون بعضهم على السير عبر إمساك أياديهم لمساعدة المرهق على مواصلة السير. إن مسك الأيدي يعزز الحب والتعاطف والأمان والشوق بين الطرفين كما أوضح الأخصائي النفسي خالد العايض خلال حديثه إلى «الحياة»، قائلاً: «إن الدراسات الحديثة أثبتت ذلك، كون أن الجلد جزء حساس بالجسم، لما يحويه من خلايا عصبية ودهنية، فاللمس من أجمل الطرق للتعبير عن الحب». وبيّن أن باحثين قاموا بقياس مستوى المناعة لدى البالغين الأصحاء الذين حصلوا على مسك بالأيدي لمدة 45 دقيقة، ووجدوا أن خلايا الدم البيضاء زادت لديهم بنسبة كبيرة بما في ذلك الخلايا الطبيعية القاتلة والتي تساعد الجسم على مقاومة الفايروسات ومسببات الأمراض الأخرى. وأضاف العايض: «تشابك الأيدي كلما زاد بقوة فإنه يساعد على التهدئة في شكل كبير، واكتشف دكتور أستاذ مساعد في علم النفس في جامعة فرجينيا جيمس كون ذلك، عندما أدار الرنين المغناطيسي الوظيفي ل16 امرأة متزوجة، وأخبرهن أنهن قد يواجهن صدمة خفيفة وتسبب القلق الناجم عن عمل إضاءة في دماغهن، ولكن عندما تشابكن بالأيدي مع أزواجهن هدأ رد الفعل لديهن في شكل كبير».