رصدت «الحياة» لحظات فراق وعناق في صعيد عرفات أمس، مشهد أم تاه عنها ابنها «العشريني» لمدة تجاوزت ال4 ساعات، وسط زحام الحجيج فلم تشعر بنفسها إلا وهي تحمل كرتوناً في يدها تلوح به ذات اليمين والشمال ليراها هو أو والده الذي وقف بعيداً عنها يفتش في الوجوه عن ابنه فلم يهدأ لهما قلب إلا بعد ما عاد واحتضناه وليقترب من قلوبهما التي سكنها منذ أن كان جنيناً في بطن أمه لا ينفك ولا يمل والده من إمساك يده اليمنى ليطمئن قلبه. وتقرأ في وجوه الحجاج عرب وعجم، سود وبيض، أغنياء وفقراء، ذكور وإناث هدفاً رئيساً هو مغفرة الله ورضوانه، وأن يعود كلٌ منهم بصحائف كلون البدر في ليلة ظلماء المشابه للون زيهم الموحد الذي أمر ربهم أن يلبسوه في مثل هذا اليوم ليقفوا أمامه شعثاً غبراً يتوسلونه ويتوددون له بكل قول وفعل يحبه، ذاك يحمل أمه فوق ظهره، والآخر يدفع والده الجالس فوق كرسي مدولب، وآخر يوزع الماء على من لا يعرف ليروي ظمأهم وهم واقفون في صعيد عرفات تحت أشعة الشمس الملتهبة. وما إن اقترب عقرب الساعة من 12:30 ظهراً، إلا ووقف جموع الحجيج جنباً الى جنب، يحاذون أكتافهم وأعقاب أرجلهم إلى بعض، مولّين وجوههم شطر بيت ربهم الحرام، ليؤدوا صلاتي الظهر والعصر اقتداء بالسنة المقرة منذ 14 قرناً، وما لبث الجمع إلا وقد فرغ منها إلا ويعتلي مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ليخطب فيهم بكلمات عن دينهم.