فقد المشهد الأدبي والثقافي السعودي أحد رموزه الكبار برحيل رائد الرواية السعودية إبراهيم الناصر الحميدان (1932 - 2013) أمس، بعد معاناة مع المرض. وأجهش الروائي أحمد الدويحي بالبكاء، عندما اتصلت به «الحياة» لتعزيته، وكان الحزن طاغياً في حديثه، وقال: «انصدمت صدمة غير عادية، فقدت أبي وصديقي وجاري ومعلمي، فقدت إبراهيم الإنسان، الذي وقف إلى جواري، وكان سنداً لي في كل الظروف التي واجهتني في حياتي». وأضاف الدويحي: «إبراهيم علم من أعلام السرد، وكان أباً وموجهاً لنا إبان وجودنا في جماعة السرد، كان حريصاً على الجميع، وتقبل النقد بسعة صدر ورحابة خاطر». وبألم كبير ردد الدويحي: «ساحتنا الأدبية خائنة جاحدة ناكرة لحق مثقفيها وأدبائها، ونادي الرياض الأدبي للأسف الشديد رفض طباعة أعمال هذا العلم الكبير، الذي غير المشهد الثقافي السعودي»، واعتذر الدويحي عن إكمال الحديث، مبيناً عجزه في هذه اللحظات بسبب رحيل صديقه القريب جداً إلى قلبه. واختتم حديثه بالإشارة إلى أن تجارب الحميدان كثيرة «وتفرد صفحات للحب والاعتقال، وعن الشأن الاجتماعي والسياسي». في حين قال الدكتور سلطان القحطاني، والذي كان من المهتمين بدرس إنتاج الراحل إبراهيم الحميدان: «رحم الله رائداً من رواد الأدب في السعودية، أسهم في تطوير النص الروائي، ونقله من التقليدي إلى الحديث». وقال: «عرفت إبراهيم الناصر من «أرضٍ بلا مطر» عندما قرأتها ولم أرَ إبراهيم الناصر، وتعلقت هذه المجموعة القصصية في ذهني، وأنا طالب ما بين المتوسطة والثانوي، ومن الصُدف التي جمعتنا لسنين طويلة، أنني لم أكتشف أن بطل «أرض بلا مطر»، الذي فقد ماله في العشة التي احترقت، هو إبراهيم الناصر الذي كان يشتغل في تلك الشركة المنحوسة». وأشار القحطاني إلى الجانب الإنساني في إبراهيم الناصر، إذ كان دائم السؤال عنه حين كان يحضر للدكتوراه في بريطانيا، وكان مرجعاً له في الكثير من دراساته وأبحاثه. يشار إلى أن القحطاني استشهد بتجربة الحميدان في درسه «الرواية في السعودية نشأتها وتطورها»، وكان ضمن المحتفين بالروائي الراحل وشارك بكلمة عنه، في احتفائية إثنينية عبدالمقصود خوجة. وأوضح الروائي الزميل عبدالواحد الأنصاري أنه عندما طلب منه الراحل الحميدان أن يلقي نيابة عنه ورقة شهادته السردية في ندوة للجنادرية عام 1431 «كان ذلك في حضور لفيف من الروائيين والساردين المحليين من شتى المشارب والاتجاهات، وكان ذلك في حضور الدكتور سعيد يقطين. اتصل بي قبل ذلك بأسبوع، وقال: يا عبدالواحد، إن صوتي لا يساعدني أن أتحدث، فتحدث عني، وإليك سيرتي الذاتية، فقدّمها بصوتك على مسامع الحاضرين، وسأكون حاضراً بجوارك». وكان ذلك الأمر شرفاً لا يعادله شرف في مجاله إلا ما هو مثله. واليوم إذ نحن نودع إبراهيم الحميدان، ونسأل الله له المغفرة والقبول، فإنني لا أريد أن يكتفي المشهد الثقافي في صحيفتنا «الحياة» أو غيرها، برفع اللائمة عن نفسه بتكريم الحميدان بملحق تعزية أو بسيرة ذاتية منشورة في الأسبوع المقبل بل أرجو من جميع المثقفين أن يقفوا جنباً إلى جنب مع أسرته تعزية ووفاءً لمسيرته الأدبية، ومن أكابر الأكاديميين والمختصين أن يواصلوا العناية بإبداعه لإثراء المشهد الثقافي المحلي وإغناء الدراسات بما تحتاج إليه من مادّة إبراهيم الحميدان.