لا يستغرق تنزيل برنامج «سكايب» على جهاز الكومبيوتر أكثر من دقيقة، وعندئذ يمكن مستخدم البرنامج، الذي ابتكره بعض المستثمرين بالتعاون مع مجموعة من مطوري البرمجيات، أن يتجول افتراضياً أينما أراد من طوكيو الى ملبورن الى القاهرة الى باريس الى لندن وواشنطن...، ويتحدث بالصوت والصورة مع من يشاء من مستخدمي البرنامج ذاته، مجاناً، فالعالم، حقاً، «أصبح قرية صغيرة» بوجود «سكايب». معروف ان البث الفضائي المباشر يستلزم تقنيات معقدة وأجهزة متطورة وكاميرات وأجهزة إضاءة... وحجزاً في توقيت محدد على الأقمار الاصطناعية، وهذا ما نعرفه حين ينبه مقدم برنامج ما ضيفه الى أن الوقت المحجوز للمحطة على القمر الاصطناعي شارف على الانتهاء، غير ان «سكايب» أطاح كل هذه الجهود التقنية المضنية، وراح يقدم بديلاً مقنعاً عن البث المباشر. وباتت جملة «معنا عبر سكايب...» مألوفة، وتتكرر باستمرار على شاشة الفضائيات، وكأن «سكايب» في بساطته، على الأقل من ناحية الاستخدام، سيلغي شيئاً اسمه «البث المباشر»، ليحل محله في المستقبل القريب. لا يمكن البرنامج، بالطبع، أن يعطي نتائج تعادل مستوى البث الفضائي المباشر من ناحية جودة الصوت ودقة الصورة، وهو، على الأقل حتى اللحظة، ليس صالحاً لأحداث ومناسبات معينة، فلا يمكن أن نتخيل مشاهدة مباراة في كرة القدم او سباقاً للسيارات أو مهرجاناً ضخماً عبر «سكايب»، ولذلك نلاحظ ان استعانة الفضائيات به تقتصر على استضافة محلل سياسي او باحث او ناشط، اما في الاجتماعات والمؤتمرات الصحافية والمباريات الرياضية وغير ذلك من الوقائع، فإن تقنية البث المباشر هي التي تقوم بالمهمة. مهلاً، هذا ليس كل شيء، ذلك ان أي تقنية جديدة تظهر تكون ضعيفة الجودة في البدايات ثم سرعان ما تتطور نحو الأفضل، فحتى التلفزة كانت في البداية باللونين الأبيض والأسود وتبث في نطاق ضيق، وكانت الصورة مشوشة في الغالب، ثم تطورت شيئاً فشيئاً الى ان وصلت الى مرحلة البث الفضائي، والصورة الثلاثية الأبعاد ذات الدقة العالية. هذا المبدأ ينطبق على «سكايب» الذي سيتطور تدريجاً الى ان يحل محل البث المباشر بأيسر السبل وأرخص التكاليف. لا يعني كل ذلك ان ثمة نوعاً من المنافسة بين «سكايب» والفضائيات، بل العكس، فهذه الأخيرة تستثمر برنامجاً بسيطاً وسهلاً حتى تحصل على آراء ووجهات نظر ومواقف عبر «سكايب»، وتطور أداءها. ومن الواضح ان وسائل الاتصال الحديثة والمتطورة لا تتطلع الى المنافسة بمقدار ما تهدف كل وسيلة الى توظيف خصوصية الوسيلة الأخرى، بحيث تتكامل على نحو كفيل بتقديم الخدمة الأفضل، وما على ساكن «القرية الصغيرة» سوى أن يجلس على أريكته الوثيرة وهو يتفحص، على الشاشات، دروب وتضاريس ومعالم تلك القرية التي تتصدر مدخلها لافتة تقول: أهلاً بك في عصر العولمة!