ديلما روسيف (62 عاماً) المقاومة السابقة التي تعرضت للتعذيب إبّان الديكتاتورية العسكرية والملقبة "بالمرأة الحديدية" لحزمها وطاقتها الكبيرة على العمل، خرجت من ظل مرشدها الرئيس السابق لولا لتخلفه وتصبح أول إمرأة تتولى رئاسة البرازيل. وتترشح ديلما روسيف لولاية ثانية وتشارك في الدورة الأولى من الإنتخابات الرئاسية في البرازيل التي ستجري الأحد لتنافس الخبيرة البيئية مارينا سيلفا. وروسيف التي تُشبّه بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، معروفة بصلابة مواقفها، ما يتناقض مع مرشدها الرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، العامل النقابي الذي أصبح رئيساً (2003-2010) والمعروف ببساطته وقربه من الناس. وقالت في الأول من كانون الثاني (يناير) 2011 عند تسلمها الوشاح الرئاسي من لولا "أنا سعيدة، ولم أشعر بذلك إلا نادراً في حياتي، للفرصة التي أعطاني إياها التاريخ بأن أكون أول إمرأة تترأس البرازيل". وكانت روسيف وزيرة للمناجم والطاقة في حكومة لولا وشغلت هذا المنصب بين العام 2002 والعام 2005، ثم وزيرة من العام 2005 حتى العام 2010. وترأست حينذاك مجلس إدارة عملاق النفط "بتروبراس". ولم تخض روسيف أي إنتخابات في السابق وهي شبه مجهولة بالنسبة للبرازيليين. وفرضها لولا في العام 2009 كمرشحة لحزب "حزب العمال" اليساري، بينما لم تكن ترشحت لأي إقتراع من قبل وليست من الأعضاء التاريخيين للحزب. ولولا هو من اختار ديلما كما يناديها البرازيليون، لخلافته على الرغم من أنه لم يسبق لها أن خاضت إنتخابات وليست عضواً تاريخياً في "حزب العمال"، لكنّ الرئيس المنتهية ولايته يؤكد أن خصالها السياسية والإدارية أقنعته بأنها "أفضل" المرشحين. وقال عنها بعد تعيينها في الحكومة "وصلت ومعها حاسوبها الصغير. وبدأنا نتناقش وشعرت بأنها تملك شيئاً مختلفاً". وقالت روسيف في حزيران (يونيو) حين أعلن حزبها "حزب العمال" ترشيحها رسمياً للإنتخابات الرئاسية "بعد هذا الرجل العظيم (أي لولا)، ستتولى حكم البرازيل إمرأة تواصل قيادة البلاد وفق نهج سلفها". وروسيف المعروفة بحزمها وصرامتها وأيضاً بتقريعها علناً الوزراء، قالت مازحة أثناء مقابلة مع الصحافيين "أنا في حكومة وفي بلد لا يتحمل فيه أي رجل وزر مواقفه. أنا المرأة الفظة الوحيدة في البرازيل ومحاطة برجال لبقين". وفي العام 2005، هزّت فضيحة تمويل مواز للحملة الإنتخابية ل"حزب العمال" قيادة الحزب وأرغمت كبار مسؤوليه في الحكومة على الإستقالة، ما جعل روسيف التي كانت وزيرة للطاقة تتولى ثاني أهم المناصب في الحكومة. ومنذ العام 2007، يقدّم لولا روسيف على أنها "أم برنامج تسريع النمو" الذي يمول إستثمارات ضخمة في البنى التحتية في البلاد. ولدت ديلما روسيف في كانون الأول (ديسمبر) 1947 في ميناس جيريس لأب بلغاري مهاجر وأم برازيلية وناضلت في صفوف "حركة المقاومة المسلحة" في أوج الدكتاتورية في البرازيل. وتم توقيفها في كانون الثاني (يناير) 1970 في ساو باولو وحُكم عليها بالسجن ست سنوات، ولكن أُفرج عنها في نهاية العام 1972 من دون أن تخضع تحت وطأة التعذيب. وفي بداية العام 1980، ساهمت في إعادة تأسيس "الحزب الديموقراطي العمالي" (يسار شعبوي) بزعامة ليونيل بريزولا قبل انضمامها الى "حزب العمال" في العام 1986. ولإدراكها أن الفوز بالإنتخابات يمر أيضاً عبر التلفزيون، خضعت روسيف لعمليات جراحة تجميلية. وبدت على إثرها أكثر نضارة وأنحف وزناً وتخلت عن نظاراتها السميكة التي كانت تعطيها صورة المجتهدة أكثر منها الذكية. وأعلنت العام الماضي أنها خضعت للعلاج من السرطان، ما أسهم في تخفيف حدة صورتها لدى الجمهور. ويقول الأطباء إنها شفيت من المرض. وخلال أربع سنوات من الرئاسة، تابعت روسيف بنجاح المعركة التي بدأها لولا لمكافحة التفاوت الإجتماعي في البرازيل، ولكن للمفارقة فإن أداءها خيّب آمال البرازيليين، خصوصاً في الشق الإقتصادي. وديلما "السيدة الحديدية" مطلّقة بعدما تزوجت مرتين، وهي أم لإبنة تدعى باولا وأصبحت جدة لولد يبلغ الرابعة من العمر.