أرجأ رئيس البرلمان الأردني بالإنابة خليل عطية أمس جلسة نيابية كانت مخصصة لمناقشة قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، وذلك بعد أن سادت البرلمان حال من الفوضى. وأخذ نواب يصعدون على منصات الخطابة ويتصايحون في شأن ما إذا كان يتوجب على رئيس الحكومة المستقيل عبد الله النسور الذي وجهت إليه تهم بالفساد، إكمال خطاب يشرح فيه مبررات اتخاذ قرار رفع الدعم. وسيطرت على الجلسة مشاهد صاخبة شملت شتائم وعراكاً بين نواب يؤيدون النسور وآخرين يعارضونه. ونقلت وسائل إعلام محلية صوراً لأحد النواب المؤيدين وهو يشرع باستخدام سلاح ناري في صحن البرلمان، لكن إرجاء الجلسة في الوقت المناسب وتدخل زملاء له، أنقذا الموقف. وبدأت أجواء الاحتقان عندما هم النائب زيد الشوابكة بمقاطعة النسور على نحو مفاجئ، من دون أن يستأذن رئاسة البرلمان وطلب الحديث، كما هو العرف السائد تحت القبة. وبدأ الشوابكة يصرخ عالياً ويردد اتهامات نادرة بحق النسور، سمع منها «أيها الفاسد، أنت ومن معك عصابة حرامية»، في إشارة إلى فريقه الوزاري. لكن رئيس الحكومة الذي أصر على مواصلة الحديث، سارع إلى رد الاتهامات الموجهة إليه، قائلاً بصوت حمل نبرة حادة: «أتحدى الجميع أمام هذه الشاشات (كاميرات وسائل الإعلام) إن كان هناك ما يثبت استغلالي المنصب والسلطة». وأضاف: «لست أنا من توجه إليه وبحضرته تهم لا أساس لها من الصحة». ومضى قائلاً إن «رفع الأسعار قرار عابر لحكومتي، ويمثل استراتيجية الدولة في الظرف الاقتصادي الراهن». وتهافت نواب مؤيدون على منصة النسور، عرف منهم نضال الحياري وشادي العدوان اللذان يتحدران من مدينة السلط (غرب عمان)، وهي مسقط رأس الرئيس أيضاً، معلنين وقوفهم في وجه أي محاولة ل «لانتقاص من هيبة ابن مدينتهم». وأظهرت مقاطع فيديو النائب العدوان وهو يحاول إشهار السلاح تحت القبة، موجهاً حديثاً غير مفهوم إلى زميله الشوابكة الذي كان يكيل الاتهامات بحق الحكومة ورئيسها. كما أصيب النائب نضال الحياري بشج عميق في رأسه خلال الجلسة، إثر قيام أحد مرافقي النائب خالد الحياري بالاعتداء عليه، مستخدماً منفضة سجائر، ما استدعى نقله إلى المستشفى. وقال النائب عطية في تصريحات إن «أحد النواب ثار غضبه لدى اتهام نائب آخر لرئيس الوزراء بالفساد، كما تعرض أحد النواب إلى الاعتداء». وأضاف: «اضطررت لإعلان رفع الجلسة، وسنعقد اليوم جلسة أخرى لبحث كل ما حصل، ومناقشة مسألة حمل السلاح تحت القبة». وكان 96 نائباً من أصل 150 قدموا مذكرة إلى رئيس الحكومة تطالبه بإلغاء قرار رفع الأسعار، علماً أن الحكومة رفعت الجمعة أسعار المحروقات بنسبة 4 في المئة لضمان الحصول على قرض بقيمة بليوني دولار من صندوق النقد الدولي. ودخل الشارع الأردني، كما النخب والقوى السياسية، حالاً من الترقب الممزوج بالحذر قبيل ساعات على موعد إعلان الحكومة الجديدة، إذ إن اليوم هو الموعد الأخير في فسحة دستورية تسمح ببقاء حكومة قديمة. واستقرت ترشيحات النواب التي ظهر أنها تتغير عند كل ساعة على النسور ونائبه وزير الداخلية عوض خليفات، إلا أن غالبية الترشيحات التي قدمت إلى مؤسسة الديوان الملكي الأردني أول من أمس أظهرت احتفاظ النسور بصدارتها. لكن ثمة من رأى أن إصرار النسور على رفع الأسعار، قد يقلص فرصته عند النواب في نيل رئاسة جديدة، على رغم تأكيد مصادر رسمية أن فرص الأخير لا تزال الأقوى عند صاحب القرار، ما لم تحدث مفاجآت غير متوقعة. وأكدت هذه المصادر ل «الحياة» أن استمرار «المشاغبة» على النسور تحت القبة، «قد يشكل لدى صانع القرار (الملك) دافعاً جديداً للبحث عن أسماء أخرى لتولي المنصب، مثل طاهر المصري، وعبد الرؤوف الروابدة، وفيصل الفايز». وكانت جلسة أول من أمس شهدت انتقاد نحو 90 نائباً قرار رفع الأسعار، متعهدين حجب الثقة عن النسور في حال تكليفه ولم يتراجع عن القرار، على رغم أن غالبيتهم من المؤيدين لترشيحه. يأتي ذلك فيما أعلن قاضي محكمة استئناف عمّان قاسم المومني أمس بطلان نتائج الانتخابات في الدائرة السادسة لمدينة الكرك الجنوبية. وجاء في قرار المحكمة أن «الأفعال والتجاوزات القانونية في الدائرة السادسة، أحدثت خللاً في النتائج وأثرت في سير العملية الانتخابية ومفرزاتها»، ما من شأنه أن يلغي عضوية النائبين نايف الليمون وحميدة قويدر. وكانت الانتخابات النيابية التي أجريت في 23 كانون الثاني (يناير) الماضي في ظل مقاطعة المعارضة، خصوصاً الإسلامية، أفضت إلى فوز شخصيات موالية للنظام، غالبيتها عشائرية ورجال أعمال مستقلون. وكلّف الملك عبد الله الثاني كبار مساعديه في الديوان الملكي في 11 شباط (فبراير) الماضي مشاورة النواب في شأن هوية الرئيس المرتقب، مع أن التعديلات الدستورية التي صادق عليها في آب (أغسطس) عام 2011 ونقلت بعض سلطاته إلى البرلمان، لا تلزمه الاستشارة بخصوص ترشيح الرئيس أو فريقه الوزاري.