كشفت نتائج المشاورات المتواصلة في مقر البرلمان الأردني توجه غالبية نيابية إلى تسمية رئيس الوزراء الحالي عبدالله النسور رئيساً للحكومة الجديدة، إثر مطالبة الديوان الملكي أعضاء البرلمان ال17 ترشيح أسماء محددة لتولي المنصب المذكور، بدل الاكتفاء بمواصفات الرئيس وأولويات عمل الحكومة المقبلة. وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كلف كبار مساعديه مشاورة النواب في هوية الرئيس المرتقب، مع أن التعديلات الدستورية التي صادق عليها في آب (أغسطس) 2011 ونقلت بعض سلطاته إلى البرلمان، لا تلزمه الاستشارة بخصوص ترشيح الرئيس أو فريقه الوزاري. وكشفت المشاورات أن النسور، الذي سبق أن شغل منصب نائب رئيس الوزراء وعضواً مخضرماً في البرلمان لعدة دورات «لا يزال الأقرب إلى تولي رئاسة الحكومة»، ما لم تحدث «مفاجآت كبيرة» في هذا الخصوص عند صاحب القرار ومؤسسات الحكم النافذة، إذ سبق أن تم العدول عن أسماء محددة لتولي رئاسة الحكومة واستبدالها بأخرى عند الربع الساعة الأخيرة، من دون أن توضح أسباب وملابسات ذلك. وأكد نواب تحدثت إليهم «الحياة» توافق كتلة «وطن» (الكتلة الأكبر في البرلمان) التي تمثل خليطاً من النواب الشرق أردنيين والأردنيين من أصل فلسطيني، إلى جانب كتلة «الوسط الإسلامي» التي تضم نواباً قريبين من السلطة وآخرين مفصولين أو منشقين عن جماعة «الإخوان المسلمين»، على إعلان ترشيح النسور لرئاسة جديدة، ما من شأنه أن يقوي فرص الأخير بالتربع على كرسي الرئاسة من جديد، خصوصاً بعد أن أعلنت كتلتا «الوفاق» (15 نائباً) و «الاتحاد الوطني» (10 نواب) في وقت سابق تأييد عودته. وفي تطور لافت، انضم رئيس البرلمان سعد هايل السرور ضمنياً إلى الجبهة السياسية القلقة من تسمية النسور لرئاسة جديدة. وأقر السرور خلال حديث علني نقلته وسائل الإعلام المحلية بوجود «تخوفات» لدى بعض من يرى أن التجديد للنسور، الذي ارتبط اسمه بقرارات رفع الأسعار، «قد يؤدي إلى تشكك الشارع الأردني في مصداقية البرلمان وهو لا يزال في خطواته الأولى». وأعلنت 4 كتل نيابية مساء الاثنين تشكيل ائتلاف «غالبية برلمانية» يضم (85 نائباً من أصل 150)، للتوافق على شكل المرحلة المقبلة وتسمية الرئيس الجديد. وأوضحت كتل «وطن» (28 نائباً)، و «التجمع الديموقراطي» (24 نائباً)، و «الوعد الحر» (18 نائباً)، و «الوسط الإسلامي» (15 نائباً) أنها ستمكن هذا الائتلاف التصويت على الأسماء المرشحة من جهة أعضائها، لترؤس الفريق الوزاري. وقال الناطق باسم الائتلاف خالد البكار إن «الهيئة العامة للائتلاف ستجتمع اليوم للتصويت على الأسماء التي اقترحتها الكتل ال4، والتي تمثل غالبية برلمانية»، مضيفاً أن الائتلاف «اشترط أن يلتزم أعضاء الهيئة العامة بقرار الغالبية مهما كانت النتيجة». وقفزت المشاورات النيابية على نحو مفاجئ أمس برئيس الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات عبدالإله الخطيب إلى قائمة الترشيحات، وهو الوزير السابق والديبلوماسي الشهير الذي تربطه علاقات وثيقة مع الأوساط السياسية والديبلوماسية على المستويين المحلي والدولي. كما قفزت المشاورات في شكل مباغت أيضاً بوزير الداخلية الحالي عوض خليفات، الذي شهد عهده احتجاجات شعبية عارمة ضد رفع الحكومة أسعار المحروقات أواخر العام الماضي، رافقها أعمال شغب واسعة ومقتل متظاهر ورجل أمن وجرح العشرات. وفاجأت كتلة «التجمع الديموقراطي» الأوساط السياسية أمس عندما خرجت بقرار لم تعلن تفاصيله بعد يتضمن ترشيح الخطيب إلى كرسي الرئاسة، لحصوله على (10 أصوات) في انتخابات الكتلة الداخلية، التي تضم نخبة من الأعضاء المسيسين والمحسوبين على الوسط الإعلامي. فيما تبنت كتلة «الوعد الحر» التي تضم بعض رجال الأعمال ترشيح خليفات للمنصب الأردني الرفيع. ودفعت المشاورات داخل الائتلاف المذكور باتجاه سيناريوات عدة لشكل الحكومة المنتظرة، إذ أن هناك من دعا إلى تشكيل حكومة مختلطة يحوز فيها النواب بعض الحقائب الوزارية، فيما تبنى آخرون أن يترك النواب للرئيس المكلف مسألة اختيار فريقه إلى أن يعدل البرلمان نظامه الداخلي، بما يقوي الكتل ويمنحها صيغة مؤسسية. وغير بعيد من ذلك، ترك رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة الباب مفتوحاً لمزيد من المشاورات مع أعضاء البرلمان، بهدف الوصول إلى توافقات نهائية في شأن الحكومة المنتظرة. والتقى الطراونة في قصر بسمان أول من أمس النواب المستقلين وعددهم 15، للوصول إلى توافقات في هذا الخصوص. وطلب بعض هؤلاء أن يتم اختيار الرئيس الجديد من داخل البيت النيابي، فيما أعلن آخرون رفضهم ترشيح رئيس الوزراء الحالي، معلنين حجب الثقة عن أي حكومة يرأسها. وقال الطراونة خلال اللقاء إنه «يتوجب أخذ عامل الوقت في الاعتبار خلال عملية التشاور»، مضيفاً: «لسنا بمأزق سياسي ولا طائفي ولا جهوي ولا أي شيء آخر، يمنعنا من الوصول إلى توافقات من خلال ممثلي الشعب». وكان النسور قدم استقالة حكومته في 29 كانون الثاني (يناير) الماضي، لكن الملك كلفها الاستمرار بمسؤولياتها لحين تشكيل حكومة جديدة.