لا يزال المصرف المركزي السويسري يشدد قبضته على العملة الوطنية، لأن سعر صرف الفرنك السويسري أمام اليورو والدولار يحافظ على سقفه منذ أكثر من سنة، ما يريح الاقتصاديين في سويسرا، الذين يخشون مرور «المركزي» في مرحلة من التعب العام المقبل. فالشهور السبعة الأخيرة من السنة شهدت غير مرة، تدخلاً مباشراً منه لصد المضاربات الدولية على الفرنك والرامية إلى دعم قيمته خصوصاً أمام اليورو، وصولاً إلى التعادل الذي يمثل الضربة القاضية على الصادرات السويسرية خصوصاً تلك المتعلقة بالمنتجات الكيماوية. ويستخدم المصرف المركزي السويسري حالياً، أطناناً من الذهب، وأكثر من استراتيجية مالية متقدمة، بالتعاون مع المؤسسات المالية المحلية الكبيرة، لتهدئة قوة العملة الوطنية. ويبدو أن تحرّك المصرف يحظى باحترام واسع في صفوف المشغلين في بورصة زيوريخ القادرين على الطعن بها وقلب أحوال الفرنك ليصبح أقوى عملة في العالم. يُذكر أن الفرنك السويسري تألّق دولياً منذ بداية السنة. واللافت أن إقبال المستثمرين الآسيويين في مقدمهم الصينيون واليابانيون، تجاوز كل الحدود. ففي الربع الثالث تخطّت قيمة الحسابات المصرفية الصينية بالفرنك السويسري 10.7 بليون. ويعود 60 في المئة من حسابات كهذه إلى مؤسسات صينية خاصة. في حين تخطت القيمة الإجمالية للحسابات المصرفية اليابانية بالفرنك 4.3 بليون. وفُتح أكثر من 40 في المئة من هذه الحسابات باسم رجال أعمال آسيويين. أما بالنسبة إلى هونغ كونغ، فقفزت قيمة استثماراتها بالعملة السويسرية 35 في المئة في السنتين الأخيرتين لتصل إلى 17.2 بليون فرنك. ويرى محللون ماليون، أن الاعتراف الدولي بقوة الفرنك السويسري يحمل معه فوائد كثيرة، تشمل قطاع الطاقة. إذ تُشترى المنتجات النفطية من الخارج بالدولار ومن دون انقطاع. كما يشير توسع شركات سويسرية في روسيا إلى مدى تطلع الاستثمارات السويسرية إلى استغلال قوة عملتها الوطنية على المدى المتوسط. وبصرف النظر عن دوامات المضاربات والأسهم والسندات ذات المردود العالي لكن المحفوف بالأخطار، يعتقد الخبراء أن المستثمرين الدوليين سيقبلون على فتح حسابات مصرفية حول العالم، بما لا يقل عن 100 بليون فرنك سويسري العام المقبل. وستحتل أفريقيا الشمالية ومنطقة الشرق الأوسط المرتبة الأخيرة، بين الدول التي تنوي توجيه المستثمرين إلى أحد شواطئ الأمان، ومن ضمنها شراء كميات معينة من الفرنك السويسري. في الحقيقة، تلعب التحركات المصرفية في كل دولة دورها في إضاءة دروب المستثمرين. ويبدو أن الدول الآسيوية كانت السباقة في التمسك بالفرنك السويسري والابتعاد قليلاً من الدولار، ما سيمهد الطريق أمام علاقات اقتصادية سويسرية - آسيوية مميزة، تتمسك بها المصارف والمستثمرون معاً.