وسط أنباء عن استعدادات لمواجهات فاصلة مع الحوثيين في محافظتَي مأرب والجوف، تحاول جماعتهم كسب ولاء زعماء القبائل في شبوة وحضرموت وأبين. وباشرت الجماعة استحداث «دور للمظالم» في صنعاء، تتولى مهمات القضاء في حسم النزاعات بين المواطنين، لتستكمل بذلك انتزاع وظيفة مؤسسات الدولة، بعد سيطرتها الأمنية الكاملة على العاصمة، وفرضها رقابة على الإنفاق الحكومي ونقل الأموال وتحويلها إلى الخارج، فضلاً عن تدخّلها لتجميد التوظيف في الخدمة المدنية ومنع الترقيات. تزامنت هذه الخطوات مع هدوء نسبي وحركة شبه طبيعية في صنعاء التي استعدت لعيد الأضحى فيما لا تزال الأطراف السياسية عالقة في مشاورات لاختيار شخصية يُفترض أن تُكلَّف رئاسة حكومة، أقرّ اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» تشكيلها في غضون شهر بعد توقيعه. ومع تحركات الجماعة المكثَّفة لفرض سيطرتها على منافذ اليمن وسواحله الغربية، ومناطق إنتاج النفط وتوليد الكهرباء في مأرب (شرق صنعاء)، قالت مصادر قبلية ل «الحياة» «إن مسلحي القبائل الموالين لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين)، ينظّمون صفوفهم في مناطق مأرب، استعداداً لصد توغل للحوثيين. وأوضحت المصادر إن «زعماء القبائل في مأرب نجحوا خلال الأيام الأخيرة في حشد أكثر من 400 سيارة مسلحة». وكانت مصادر تحدثت عن تنسيق بين زعماء إصلاحيين وقادة عسكريين يوالونهم للاستيلاء على أسلحة للجيش في مأرب، ونقلها إلى معسكرات تدريب، في سياق الاستعداد لمواجهات فاصلة مع الحوثيين في محافظتَي مأرب والجوف المتجاورتين. وفي حين يعتقد مراقبون بأن الحوثيين يخططون للسيطرة على كل مناطق اليمن، بما فيها الجنوب والشرق، علمت «الحياة» من مصادر قريبة من قيادات في «الحراك الجنوبي» أن «الحوثيين يقودون اتصالات مكثّفة مع زعماء القبائل في شبوة وحضرموت وأبين، لكسب ولائهم في مقابل وعود قدمتها الجماعة لهم بأن يقتصر تدخلها في الجنوب على تجفيف حاضنات ينشط فيها مسلحو تنظيم القاعدة». وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر غادر صنعاء الخميس متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية، بعد ثلاثة أسابيع استغرقتها زيارته الثالثة والثلاثون لليمن. وهو أكد أن هذا البلد مازال «يمر بوضع حساس والطريق الوحيد للمضي قدماً في إنجاح مشروع التغيير السلمي الذي بدأ عام 2011 هو تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية، ومخرجات الحوار الوطني التي توافق عليها اليمنيون». في غضون ذلك، اعترفت مصادر حوثية أمس بقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين بانفجار عبوة استهدفت تجمعاً لعناصر الجماعة في أحد الأسواق الشعبية في مديرية «الأهنوم» التابعة لمحافظة عمران. ويُعتَقَد بأن وراء التفجير تنظيم «القاعدة» الذي كان توعّد الحوثيين بضربهم. وسيطرت الجماعة المسلحة على صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي في شكل دراماتيكي، بعد أربعة أيام من القتال مع وحدات من الجيش موالية لحزب «الإصلاح» بقيادة الجنرال الفار علي محسن الأحمر. وتزامن سقوط صنعاء مع توقيع اتفاق تسوية مع الأطراف السياسية لتشكيل حكومة «شراكة وطنية». وأفاد ناشطون أمس بأن «الجماعة بدأت تقيم دُوراً للمظالم في صنعاء، للفصل في النزاعات بين المواطنين وإعداد الاستدعاءات، متجاهلة النظام القضائي، وذلك على نحو ما فعلته في المناطق التي تسيطر عليها في عمران وصعدة» شمال اليمن. وعلى رغم إحكام مسلّحي الجماعة قبضتهم على العاصمة اليمنية في ظل غياب تام لأجهزة الأمن، أصدرت وزارة الداخلية بياناً، يُعلن خطة أمنية ترافق أيام العيد، مؤكدة أنها ستنشر «دوريات ثابتة ومتحركة للقيام بمهمات الأمن وخدمة المواطنين على مدار الساعة، وتأمين المنازل والممتلكات العامة والخاصة داخل المدن». وأوضح البيان أن الخطة تشمل «تعزيز الإجراءات الاحترازية لحماية المنشآت والمرافق الحيوية الحكومية».