واصل المسلحون الحوثيون أمس تعزيز قبضتهم في صنعاء، ونقل الأسلحة الثقيلة التي استولوا عليها من معسكرات الجيش إلى معاقلهم شمال اليمن. ونفذوا مزيداً من عمليات الدهم والتفتيش للمنازل والمؤسسات، في ظل عودة خجولة لبعض وحدات الشرطة. تزامن ذلك مع إصدار الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً بتعيين مستشارَيْن له من جماعة الحوثي ومن «الحراك الجنوبي»، في سياق تنفيذ اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» الذي يقضي بتشكيل حكومة كفاءات في غضون شهر. وفي حين عادت حركة الملاحة الجوية إلى مطار صنعاء أكدت مصادر ديبلوماسية لوكالة «فرانس برس» أن ديبلوماسيي السفارة الكويتية «غادروا في شكل جماعي بعد تلقيهم تأكيدات من مسؤول يمني بأن الحوثيين أصبحوا يتدخلون في كل شيء». وذكر مصدر أن المسؤول «أبلغ بعض الديبلوماسيين أن السلطات لا تستطيع ضمان عدم تعرض الحقائب الديبلوماسية للتفتيش وربما المصادرة من الحوثيين الذي يراقبون الحركة في مطار صنعاء». وكان مجلس الأمن أصدر بياناً يرحب بتوقيع اتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين ويدعوهم إلى الالتزام بتنفيذه «كاملاً»، ويحض على تشكيل حكومة الشراكة سريعاً، مشدداً على أن هادي «يمثل السلطة الشرعية بناء على نتائج الانتخابات وبنود مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية». كما دان المجلس «الذين استخدموا العنف أو يلوّحون باستخدامه لعرقلة الانتقال السياسي» في اليمن. وشدد على «أهمية وقف النار الفوري في صنعاءوالجوفومأرب وكل المناطق الأخرى، وإعادة كل مؤسسات الدولة إلى سيطرة السلطات الشرعية». وفيما شدد الحوثيون قبضتهم على العاصمة وتولوا دور الأجهزة الأمنية في إقامة نقاط التفتيش وحماية المؤسسات، واصلوا دهم منازل خصومهم السياسيين والناشطين والإعلاميين، وسط تنديد بهذه الانتهاكات. وشوهد مسلحو جماعة الحوثي التي سيطرت الأحد الماضي على صنعاء، يستكملون أمس نقل معدات عسكرية وآليات وأسلحة ثقيلة استولوا عليها من معسكرات الجيش، باتجاه معاقلهم في عمران وصعدة. ويُعتقد بأنهم بصدد جمع غنائمهم من الأسلحة لاستخدامها في حسم معركتهم العالقة في محافظة الجوف، من أجل فرض سيطرتهم على مأرب والبيضاء (شرق صنعاء وجنوبها). مصادر عسكرية قالت ل «الحياة» إن المسلحين الحوثيين استولوا على أكثر من 120 دبابة، ومئات الآليات الثقيلة ومدافع ومصفحات ورشاشات وذخائر وعربات لنقل الجند، ومضادات للطيران إلى جانب كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة. ولوحظت أمس عودة خجولة لوحدات الشرطة في العاصمة خصوصاً شرطة المرور. وكان زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي دعا الأجهزة الأمنية في خطاب لمناسبة «النصر»، إلى العودة لممارسة مهماتها إلى جانب مسلحي الجماعة الذين أطلق عليهم تسمية «اللجان الشعبية». ومع استمرار حال الذعر لدى سكان صنعاء، قرر وزير التربية والتعليم استمرار تعليق الدراسة في المدينة حتى الأسبوع المقبل، في حين أكد وزير الدفاع محمد ناصر أحمد خلال اجتماع لمجلس الوزراء أمس أن الأوضاع الأمنية ستعاد إلى طبيعتها تدريجاً، من دون أن يشير إلى احتمال انسحاب المسلحين الحوثيين. إلى ذلك، ذكرت مصادر حكومية أن الرئيس اليمني أصدر قراراً بتعيين ياسين عمر مكاوي (من «الحراك الجنوبي») وصالح علي الصماط (من الحوثيين) مستشارَيْن له، ويُتوقع أن يصدر قرار آخر بتسمية رئيس الوزراء الجديد الذي سيتولى تشكيل الحكومة في غضون شهر. واستقبل هادي السفير الأميركي ماتيو تولر وعرضا الأوضاع في ضوء توقيع «اتفاق السلم والشراكة الوطنية»، وذلك بعد يوم على اعتراف هادي بتعرض صنعاء ل «مؤامرة داخلية وخارجية» أوقعتها في قبضة الحوثيين.