أينما احتد اشتعال فتيل الحرب، يحمل ويلات لا تستثني أحداً من جحيمها حتى الكهل والطفل، وتنعكس عادة على الشعوب التي تسدد الضريبة من الأرواح والممتلكات، وتدفع الناجين غالباً في سبيل السلامة التي تهدد الحرب بنسف ما تبقى من نعيمها بين فترة وأخرى إلى النزوح والهجرة بقلوب مملوءة بالرعب. ويعد الشعب السوري من الشعوب المحدودة التي تجرعت وما زالت تعاني من محرقة اندلعت في بلادهم لم تهدأ وتيرتها لمدة تجاوزت الأعوام الأربعة لم تبق ولم تذر، التهم لهيبها المسعور المشبع برائحة الموت والدم معاً في طريقه البشر والحجر، ما دفع أعداداً مليونية إلى البحث عن النجاة خارج حدود بلادهم، واستقروا كلاجئين في ثلاث دول مجاورة، شملت تركيا ولبنان في حين لجأت أعداد منهم إلى الأردن، وتعتبر بلادهم التي تعاني الحرب الضروس حلقة الوصل بين الدول ال3 من الصعب مرور أحد منهم إلى أي من هذه الدول. ورغم قسوة الحرب ومخلفاتها البشعة على النفس البشرية، إلا أن مناسبة الحج فتحت باب الرحمة لهذا الشعب وأسهمت في ضمه إلى صدرها الرؤوف، ولملمته من دول ذات مساحات كبيرة، وهيأت لأبنائه المشردين فرصة التلاقي في المشاعر المقدسة، التي تبلغ مساحتها كيلو مترات معدودة. ويشير الحاج عبدالمعين إدريس القادم من مخيمات تركيا للاجئين إلى أن في اللقاء شيئاً من التخفيف من آثار الحرب الجاثمة على قلوبهم، ويقول: «نحن شركاء في المعاناة، ورغم الجراح أرى أن هذه الشراكة تسهم في توزيع الحمولة في ما بيننا كأبناء شعب واحد، اتخذ من الصبر عنواناً، والصبر دائماً يأتي بنتائج حميدة، لعل الأقدار تفتح صفحة حديثة من التاريخ، وتأتي بإشراقة جديدة تعيدنا إلى بلادنا آمنين مستقرين». بدوره، يؤكد الاختصاصي الاجتماعي علي الغامدي أن التفاؤل مهما اشتدت الأزمة وتعددت الصدمات في المجتمع، يعد مطلباً أساسياً لتعزيز الاستقرار الداخلي، والنظر إلى الكون بمنظار أبيض في مراحل حالكة السواد، واعتبر أن المتشبثين بالصبر من المؤكد ستأتيهم نتائجه، وإن استغرقت وقتاً طويلاً، وستشرع لهم أبواب الخروج من المأزق، وهم مستقرون نفسياً واجتماعياً.