تواجه تركيا خطرا متناميا يتمثل في امتداد الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في سورية لأراضيها. ويخشى البعض أن يؤدي تدفق اللاجئين لقيام القوات التركية بعمليات حدودية. ودفعت حملة الرئيس السوري بشار الأسد ضد المعارضة علاقات بلاده، التي كانت وثيقة مع تركيا في وقت ما، إلى نقطة الانكسار. ودفع قمع الأسد الدموي للاحتجاجات 12 ألف سوري للنزوح شمالا واللجوء لمخيمات في تركيا، بينما تتحرك القوات السورية لإغلاق الحدود. واحتدت اللهجة التركية تجاه سورية وطالبت الأسد علنا بالسير على طريق الإصلاح ووصفت حملته ب«الوحشية». ولكن محللين يقولون إن أنقرة لا تزال تأمل أن يغير الأسد موقفه. «يبدو الأتراك قلقين لغياب بدائل لنظام مستقر»، حسب دبلوماسي غربي على دراية بالمنظور التركي. وسورية دولة حليفة لإيران، وهي في قلب عدة صراعات في الشرق الأوسط. وستقع تبعات عدم الاستقرار في سورية على تركيا التي تربطها حدود مشتركة مع العراق وإيران أيضا. وقد تقرر تركيا التخلي عن الأسد إذا ما انزلقت بلاده نحو حرب أهلية بين جماعات طائفية وعرقية. ورغم أن تركيا دولة غير عربية، إلا أن تركيبتها السكانية تتشابه مع سورية. ومع تدفق اللاجئين على الحدود، أوردت وسائل الإعلام أن القيادات السياسية والعسكرية في تركيا تدرس إقامة منطقة عازلة داخل سورية في حالة حدوث زيادة حادة في أعداد اللاجئين. وينفي مسؤولون أن لديهم دراية بمثل هذه الخطط. وزار قائد الجيش الثاني التركي إحدى القرى الحدودية ليرى بنفسه كيفية انتشار القوات السورية ووضع اللاجئين. ولا ترحب دمشق بوجود قوات تركية على أراض سورية. وكاد البلدان أن يخوضا حربا في أواخر التسعينات بسبب إيواء سورية متمردين أكرادا يحملون الجنسية التركية. ولا تزال أنقرة تشهد توغلات لمتمردين أكراد يسعون لإقامة دولتهم في الجنوب والشرق. وتحرص تركيا على فتح حدودها أمام حركة التجارة مع سورية وإيران والعراق وفي الوقت نفسه منع تسلل المتمردين. وفشلت تركيا في استغلال ثقلها الاقتصادي لإرغام دمشق على التغيير؛ نظرا إلى أن أنقرة أكبر شريك تجاري لسورية، إلا أنها تناور للتعامل مع أي تبعات. كما قادت الأزمة السورية لتعاون أوثق بين أنقرة وواشنطن بعد خلافهما بشأن إيران.