كثَّف تنظيم «القاعدة» نشاطه في اليمن مستغلاً حال الذهول المسيطرة على أجهزة الدولة، إثر سقوط صنعاء في قبضة الحوثيين. إذ فجَّر التنظيم سيارة ضابط في الجيش في عدن (جنوب) وأعدم ضابطاً آخر في مدينة إب (جنوبصنعاء)، في حين توافد مزيد من عناصره إلى محافظة البيضاء، في سياق تصدّيه لمدّ الحوثيين هناك. وواصلت جماعتهم إحكام قبضتها الأمنيّة على العاصمة، وبدأت تحركات في اتجاه مأرب شرقاً والحديدة غرباً. في غضون ذلك، خرج حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) عن صمته إزاء اجتياح الحوثيين صنعاء، ودان اقتحامهم مقاره والمؤسسات والجمعيات التابعة له، متهماً إياهم بممارسات انتقامية من خصومهم ونهب منازلهم، إضافة إلى سلب أسلحة الجيش وآلياته الثقيلة، كما شنّ الحزب هجوماً على أجهزة الدولة واصفاً إياها بأنها «متخاذلة وعاجزة». وأفادت مصادر رسمية في شرطة محافظة عدن أمس بأن «عناصر خارجة عن النظام والقانون يُعتقد بأنها من تنظيم «القاعدة» فجَّرت عبوة صباحاً زُرِعَت في سيارة العقيد ناصر مقيلح الذي يعمل في شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة، ما أدى إلى وفاة نجله أمين ناصر مقيلح الذي كان يقود السيارة على طريق بحري يربط مديرية المنصورة بمديرية خور مكسر». كما عثرت أجهزة الأمن في محافظة إب على جثة عقيد في دائرة الهجرة والجنسية والجوازات اسمه عبدالفتاح الدعيس، ملقاة قرب إدارة الأمن. وأكد مصدر أمني ل «الحياة» أن «الدعيس أُعدم في عملية تحمل بصمات تنظيم «القاعدة» الذي تزايد أخيراً وجود عناصره في المحافظة في شكل علني». وواصل المسلحون الحوثيون في صنعاء تحكّمهم الكامل بشؤون الأمن، وروى شهود أنهم اقتحموا مركزاً لمحو الأمية تابعاً لجمعية يديرها أعضاء في حزب التجمع اليمني للإصلاح. وذكرت مصادر حكومية أن مسلحي جماعة الحوثي سلّموا وزارة حقوق الإنسان إلى الجهات المسؤولة. وأضافت أن القائم بأعمال الوزارة إسماعيل الجبري أشاد بجهود الجماعة في «الحفاظ على ممتلكات الوزارة وصونها من السلب والنهب، ما يؤكد صدق نياتها وإخلاص العمل تجاه الوطن». وفي حين يعتقد مراقبون بأن حزب «الإصلاح» نجح في «الانحناء للعاصفة» الحوثية من دون أن ينجرّ إلى مواجهة مسلحة، خرج الحزب عن صمته مندداً بتصرفات الحوثيين و «الممارسات الانتقامية من خصومهم السياسيين، والانتهاك المشين لحرمات مساكن المواطنين، وتعرّضها للنهب، وترويع النساء والأطفال في منازلهم». وهاجم الحزب في بيان أصدرته أمانته العامة، أجهزة الدولة، معتبراً إن ممارسات الحوثيين ارتُكبت «في ظل حال غير مسبوقة من التخاذل وتخلي الدولة بكل أجهزتها وعجزها عن القيام بواجبها في حماية المواطنين وممتلكاتهم، والحفاظ على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وعلى المعدات والأسلحة الثقيلة والعتاد العسكري». وانتقد البيان «التساهل واللامبالاة» في حماية العاصمة إثر «تطويقها من قبل المسلحين الحوثيين بذرائع مفتعلة، أدت إلى تمكين ميليشيات الحوثي من عملية المهاجمة والتطويق المباشر لعدد من المعسكرات ووحدات الجيش وتعريض قياداتها لضغوط الترغيب والترهيب، وسهّلت أجواء الخذلان والتواطؤ ووقوع الكارثة التي لن يبرأ الوطن من آثارها بسهولة». وأكد الحزب الذي يعتبر خصماً لدوداً لجماعة الحوثيين أنه آثر «الحفاظ على السلم الاجتماعي واللحمة الوطنية وتجنب الحرب الأهلية»، رغم «تعرضه لممارسات عدوان» طاولت مقاره وبيوت كثيرين من قياداته وأعضائه «في صورة ممنهجة». وكان مئات من الناشطين والحقوقيين تظاهروا أمس للمرة الثالثة في صنعاء، تنديداً بالمسلحين الحوثيين وللمطالبة بخروجهم من العاصمة وإعادة ما نهبوه من ممتلكات خاصة وعامة، بما فيها أسلحة الجيش الثقيلة ومعداته التي استولوا عليها إثر سقوط صنعاء في قبضتهم في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي.