بعد نهار حافل بالتطورات الدراماتيكية في العاصمة اليمنية، وآمال بإنهاء أزمة المواجهات مع الحوثيين تهاوت سريعاً، إثر إعلان مبعوث الأممالمتحدة مساء السبت التوصل إلى اتفاق، بدا أن جماعة عبدالملك الحوثي أحكمت أمس سيطرتها على صنعاء، بما في ذلك مقر اللواء الرابع في الجيش اليمني ورئاسة الوزراء وجامعة «الإيمان». وتضاربت المعلومات حول مصير الشيخ عبدالمجيد الزنداني واللواء علي محسن الأحمر، في وقت تهاوى معظم مؤسسات الدولة وسلطاتها الأمنية العسكرية في صنعاء أمام الزحف الحوثي المسلّح، وقدّم رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة استقالته متهماً الرئيس عبدربه منصور هادي بتقليص صلاحياته والتفرّد باتخاذ القرار. ووقّع هادي ليلاً اتفاق «التسوية» مع الحوثيين. واللافت أن وزير الداخلية كان طلب من الأجهزة الأمنية التعاون مع جماعة الحوثيين بعد سيطرتهم على كل المؤسسات الحيوية، بما فيها رئاسة الوزراء والبرلمان ووزارة الدفاع والبنك المركزي، في وقت كان ممثلو الأطراف السياسية ينتظرون في القصر الرئاسي وصول ممثلي الحوثيين للتوقيع على الاتفاق الذي رعاه مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر لإنهاء الأزمة. وأكد الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام أن مؤسسات الدولة والمباني الحكومية والمقار العسكرية والمدنية والسياسية هي «ملك للشعب اليمني» ولن يتم المس بها، داعياً المواطنين إلى التعاون مع عناصر الجماعة لحمايتها. وكانت المواجهات العنيفة احتدمت أمس في صنعاء ولليوم الرابع بين جماعة الحوثيين وقوات حكومية مدعومة بمسلحي حزب «الإصلاح» في محيط جامعة الإيمان ومقر الفرقة الأولى المدرعة (المنحلّة)، وسيطر مسلّحو الجماعة على مقر اللواء الرابع في الجيش ومحيط الإذاعة ومقر رئاسة الوزراء، وقدّم رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة استقالته. ويُنذِر تسارع الأحداث الأمنية بتحولات دراماتيكية على الصعيد السياسي قد يشهدها اليمن في الساعات المقبلة، تصبُّ في مصلحة الجماعة التي حاصر آلاف من مسلحيها منافذ العاصمة منذ أكثر من شهر، بذريعة المطالبة بإسقاط الحكومة وإلغاء قرار زيادة أسعار الوقود، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وجاءت التطورات المتلاحقة غداة سيطرة الحوثيين على مقر التلفزيون الحكومي والاستيلاء على الدبابات والأسلحة الثقيلة التي تحميه، فضلاً عن إحكام قبضتهم على كل الأحياء الشمالية والشمالية الغربية في العاصمة، فيما كانت الأنظار تترقَّب التوقيع على اتفاق أعلن مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بنعمر مساء السبت التوصل إليه. واعتبر أنه سيؤسس لمرحلة جديدة من «الشراكة بين الأطراف السياسية» لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار. وفي ظل احتدام المواجهات وتضارب المعلومات أمس، لفَّ الغموض مصير اللواء علي محسن الأحمر، الخصم الأول للحوثيين. وأفادت أنباء بأنه يقود المواجهات ضدهم من داخل معسكر الفرقة الأولى المدرعة. ويتحدث قادة في حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (الإخوان المسلمين) عن وجود «مؤامرة أو خيانة» ضدهم، ويعتبرون أن الرئيس عبد ربه منصور هادي ووزير الدفاع محمد ناصر أحمد تواطآ فيها، للقضاء على ما تبقى لهم من نفوذ عسكري وقبلي في صنعاء ومحيطها. كما يعتبرون تصريحات هادي ضد الحوثيين مجرد «ذرٍّ للرّماد في العيون». إلى ذلك، تضاربت المعلومات حول مصير رجل الدين البارز رئيس جامعة «الإيمان» الشيخ عبد المجيد الزنداني. ففي حين أفادت أنباء بأنه لا يزال داخل الجامعة، قالت مصادر إنه غادرها برفقة اللواء علي محسن الأحمر إلى مكان مجهول. وانتشرت آليات عسكرية بكثافة في محيط منزل هادي الذي يبعد ثلاثة كيلومترات فقط عن محيط المواجهات، في ظل أنباء عن مقاومة شرسة يبديها جنود الفرقة الأولى المدرّعة ضد زحف الحوثيين الذي طوّقهم من كل الجهات. في غضون ذلك دعت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة المنتسبين إلى الوحدات العسكرية المرابطة في أمانة العاصمة صنعاء ومحيطها إلى «البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات العسكرية وعدم التفريط بها، كونها من ممتلكات الشعب». وروى شهود ل «الحياة» أن محطة للوقود احترقت في منطقة المواجهات، وسط استغاثات من السكان في الأحياء المجاورة وتواصل نزوح المدنيين تحت وابل من القصف العنيف، فيما أجلت مستشفيات في المنطقة نزلاءها المرضى». وسيطر الحوثيون مساء السبت على مقر التلفزيون الحكومي بعد قصف عنيف تعرَّض له على مدى يومين، وتوقَّف بث قناة اليمن الرسمية لأكثر من ساعة، قبل أن تعاود البث من مكان يُعتقد بأنه أحد المقار التابعة للقوات المسلحة، في حين توقف بث قناتي «سبأ» و «الإيمان».