أثار الاتفاق بين زعيم حزب «ليكود بيتنا» الإسرائيلي، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وزعيمة «الحركة» تسيبي ليفني على انضمام الأخيرة وحزبها إلى الائتلاف الحكومي الذي يعمل نتانياهو على تشكيله، استهجان الساحة الحزبية وانتقادات حادة من أبرز المعلقين وجهت إلى ليفني بداعي إساءتها لكل من يعمل في السياسة، وهي التي أكدت في الدعاية الانتخابية التي سبقت الانتخابات العامة قبل شهر، أن الهدف هو إسقاط نتانياهو وقيادته «الكارثية لإسرائيل»، وأنها لن تكون ورقة التوت التي تستر عورات الحكومة اليمينية التي يعتزم نتانياهو تشكيلها. ورأى معلقون في إنجاز نتانياهو الاتفاق مع ليفني أولاً مؤشراً إلى أن حكومته الجديدة قد تستند إلى قاعدة برلمانية ضيقة تستند أساساً إلى أحزاب المتدينين، إضافة إلى حزب وسطي إضافي. واستخفّ معلقون في تبرير ليفني خطوتها المفاجئة بأنها ستكون مسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، وقالوا إن ليفني ستخضع في نهاية الأمر لتعليمات نتانياهو وشروطه المعروفة للتفاوض، ولن يكون في وسعها لعب الدور نفسه الذي لعبته في المفاوضات التي أجرتها مع الفلسطينيين قبل أكثر من أربعة أعوام حين كانت وزيرة للخارجية في حكومة إيهود أولمرت. وكتبت معلقة الشؤون الحزبية في «يديعوت أحرونوت» سيما كدمون أن «ليفني ستكون رئيسة طاقم المفاوضات من دون مفاوضات». وتابعت أن ليفني أثبتت أنها لا تختلف عن سائر السياسيين الذين يبحثون عن الكراسي الأثيرة، وأن توصيفها ب «السيدة النظيفة» غير مستحق. وأضافت أن ليفني بانضمامها إلى الائتلاف الحكومي الذي رفضته حتى قبل أسابيع قليلة إنما بحثت عن «مكان عمل» بعد أن عاشت تجربة الجلوس على مقاعد المعارضة. وتابعت: «يبدو أن ليفني التي اعتبرت امرأة ذات مبادئ، باعت مبادئها ووعودها وبرنامجها من أجل وعد مشكوك في أمره، ويبدو أنها تستعد لتصبح بالضبط ما قالت إنها لن تكونه، وهو ورقة توت لعورات حكومة نتانياهو، إلا أنها في الحقيقة لن تكون أكثر من ذلك، ولن يكون لحزبها الصغير أي تأثير فعلي في الحكومة الجديدة». وأردفت متسائلة: «هل تعتقد ليفني فعلاً أنه في ظل حكومة يكون كل من ليكود - بيتنا والحرديم وحزب البيت اليهودي شركاء فيها، يمكن دفع هذه العملية السياسية قدماً؟ في الوقت نفسه يتعين علينا أن نستذكر أنه قبل شهر ونصف الشهر أعلن نتانياهو أنه في حال انضمام ليفني إلى حكومته المقبلة، فإنه لن يكون لها أي تأثير في العملية السياسية، فهل تغير شيء منذ ذلك الوقت، أم إن نتانياهو اضطر إلى ضم ليفني كي يوحي بأنه تمكن من كسر الجمود المسيطر على المفاوضات الائتلافية الجارية منذ حوالى 20 يوماً، والذي حال حتى الآن دون أن تسفر عن أية نتائج إيجابية؟». واختتمت: «حان الوقت للكف عن اعتبار ليفني زعيمة سياسية من طراز فريد، إنها مثل سائر الزعماء السياسيين في إسرائيل، لديها مصالحها الشخصية والحزبية، وهذه المصالح هي التي تحكم توجهاتها في نهاية المطاف». وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين نتانياهو وليفني، فإن الأخيرة ستكون وزيرة القضاء في الحكومة المقبلة، ورئيسة الطاقم المسؤول عن المفاوضات مع الفلسطينيين، كما سيحصل حزبها الذي يتمثل في الكنيست الجديد بستة مقاعد، على حقيبة «حماية البيئة» ورئاسة إحدى اللجان البرلمانية.وأشار المعلق في الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» يوسي فيرطر إلى أن نتانياهو سيستغل ليفني لتكون واجهة حكومته للعالم، علماً أنها مقبولة على المجتمع الدولي منذ ولايتها السابقة وزيرة للخارجية. وقال نتانياهو إن الهدف من الاتحاد مع ليفني هو أن تكون حكومته المقبلة «حكومة وحدة وطنية مستقرة ذات قاعدة عريضة توحد الشعب». وأضاف أن إسرائيل «تبذل كل ما في وسعها لتعزيز عملية سلام تتسم بالصدقية مع الفلسطينيين»، وأنه يأمل في استئناف المحادثات التي توقفت بسبب نزاع في شأن الأنشطة الاستيطانية. وزاد أن ليفني ستصبح «شريكاً كبيراً في جهود» استئناف العملية الديبلوماسية في الشرق الأوسط، من دون أن يعطي صراحة تسمية للدور الديبلوماسي الجديد الذي ستقوم به. وبررت ليفني قرارها الانضمام إلى حكومة نتانياهو ب «الضرورة الاستراتيجية والأخلاقية لطرق كل الأبواب لاستنفاد كل الاحتمالات وأن تصبح شريكاً في أي حكومة تتعهد تحقيق السلام». إلى ذلك، توقعت أوساط قريبة من طاقم المفاوضات الائتلافية أن اتفاقاً وشيكاً قد يبرم بين «ليكود بيتنا» وحزبي المتدينين (الحرديم) «شاس» و «يهدوت هتوراة» (18 مقعداً معاً)، كذلك مع حزب «كديما» بقيادة شاؤول موفاز (مقعدان). وفي حال أنجز الاتفاق مع هذه الأحزاب، سيتعين على نتانياهو السعي إلى ضم حزب إضافي لضمان غالبية برلمانية لحكومته. وإذ يبدو أن المحاولات لإقناع حزب «العمل» الوسطي بالانضمام إلى الحكومة الجديدة لن تحقق نجاحاً، يتعين على نتانياهو إقناع حزب «يش عتيد» الوسطي أو «البيت اليهودي» اليميني المتشدد للانضمام، لكن تحقيق ذلك لا يبدو سهلاً إزاء التنسيق بين زعيمي الحزبين يئير لبيد ونفتالي بينيت وتشددهما في مسألة إرغام الشبان «الحرديم» الخدمة العسكرية أسوة بسائر اليهود. «حماس» تنتقد وفي غزة، اعتبرت حركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، أن تعيين ليفني مسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، يدل على «فشل خيار المفاوضات». وكتب الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم على صفحته الشخصية على موقع «فايسبوك»: «تكليف نتانياهو، مجرم الحرب، ليفني مجرمة الحرب والمطلوبة دولياً على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، لإحداث سلام مع السلطة الفلسطينية، يحدد معالم المرحلة المقبلة ويضع نهاية حتمية لمسيرة التسوية، وهو تأكيد لفشل خيار المفاوضات وتقرير لمصيرها المحتوم». وأردف: «هذا في حاجة فعلاً إلى إنهاء أي رهان عليها والشروع في حوار وطني فلسطيني شامل لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني وبرنامج المقاومة وحماية الثوابت وتدشين مرحلة جديدة من عزل الاحتلال ورفع الشرعية عنه».