خرجت مجموعة من النساء العربيات للإعلان بصوت عالٍ أن «المجد للنساء» العالمات الباحثات، على رغم المحاولات الحثيثة لجعل المرأة طاهية في مطبخ، أو مزيلة لبقع السجاد، أو أداة للمتعة... هو مجد يبدو منكمشاً وملتبساً، لكنه يظل مجداً. 8 نساء شابات أتين من الأردن ومصر وسورية ولبنان وتونس والسودان والعراق والبحرين، ليعتلين منصة تكريم منظمة «يونيسكو»، بسبب بحوثهن التي عُدّت «الأفضل في مجال العلم». «من أجل المرأة في العلم»، برنامج مشترك بين منظمة «يونيسكو» وشركة «لوريال» الفرنسية التي تعنى بالتجميل، يسلط الضوء على الدور الأساس الذي تلعبه المرأة في تقدم البحوث العلمية من خلال تكريم نساء باحثات يستكملن دراسات الدكتوراه وقدّمن مشروعات متميزة في قطاعات مختلفة من العلوم والتكنولوجيا. ويوضح مدير مكتب «يونيسكو» في القاهرة الدكتور بشير الأمين أن المنظمة الدولية تؤمن بضرورة تمكين النساء العربيات، من خلال دعم المجالات الابتكارية والعلمية التي يتفوقن فيها. ويشدد على مبدأ أن «العالم يحتاج إلى العلم، والعلم يحتاج إلى النساء». ومن هنا، كانت فكرة اختيار أفضل البحوث والمشروعات العلمية والتكنولوجية التي تعدّها نساء عربيات، وتكريمهن معنوياً ومادياً. وتحصل كل فائزة على منحة قدرها 20 ألف دولار، بغية تمكينها من تطوير بحوثها والمضي قدماً فيها. ونظراً إلى أهمية المنطقة العربية ونسائها، أفرد البرنامج قسماً خاصاً للعالمات العربيات في 17 دولة عربية. من سورية، تعمل أستاذة طب الأسنان في جامعة دمشق الدكتورة هبة الحلو على مبتكر جديد في زراعة الأسنان التعويضية، من شأنه أن يكون أسهل وأسرع من السبل المعروفة، وذلك في إطار رسالة الدكتوراه التي تعدها. ومن لبنان، تعمل أستاذة هندسة الكومبيوتر والكهرباء في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة لينا الكنغ على الشبكات اللاسلكية وشبكات الراديو وتطويرها. ومن تونس، تتركز بحوث أستاذة الهندسة البيولوجية في جامعة صفاقس الدكتور نورة بوقشة على أمراض المناعة الذاتية في الغدة الدرقية، والعلامات الجينية. ومن السودان تدور بحوث أستاذة هندسة البرمجيات في كلية العلوم الرياضية في جامعة الخرطوم الدكتورة رشا عز الدين في مجال تطبيق الطرق والنماذج الاحتمالية للتنبؤ بأداء نظم قواعد البيانات. ومن العراق، اختارت أستاذة العلوم في جامعة بغداد الدكتورة ريام ناجي عجمي أن تدرس تقويم نسبة الزئبق في شعر النساء العراقيات. ومن البحرين، تواصل أستاذة العلوم في جامعة الخليج العربي الدكتورة سمية يوسف عباس بحوثها في مجال إدارة النفايات الصلبة في بلادها. ومن الأردن تتابع أستاذة علم الأدوية الدكتورة عليا شطناوي بحوثها في ضعف الأوعية الدموية لدى مرضى السكري. ومن مصر تطور أستاذة كلية الزراعة في جامعة الإسكندرية الدكتورة هبة سلامة دراساتها لإدخال نوع جديد من العشب المستخدم في العلف الشتوي في النظام الزراعي المصري، والبحث في أدائه وقيمته الغذائية. وعلى رغم الأوضاع الصعبة في سورية، أصرّت الدكتورة الحلو على المجيء إلى القاهرة لحضور التكريم، وأكدت أنها تعمل قصارى جهدها لمتابعة عملها وبحوثها في شكل طبيعي على رغم صعوبة الظروف الأمنية في بلادها. وزيرة البحث العلمي في مصر الدكتورة نادية زخاري تحدثت عن البحوث العلمية الفائزة ومن يقفن وراءها، قائلة إن «ما أنجزته العالمات العربيات من خلال مشروعاتهن الاستثنائية يشكل مصدر إلهام حقيقياً لأقرانهن في المجال ذاته، وللنساء في كل دول المنطقة». واعتبرت أن الطاقة التي تمثلها العقول الخلاقة لهؤلاء النساء هي بمثابة منصة مشتركة لتبيان الجانب المشرق من المجتمعات العربية ومساعدة النساء في المشاركة في عمليات صنع القرار في بلدانهن. وأشار رئيس لجنة التحكيم وعالم الكيمياء الدكتور نبيل صالح إلى أن اللجنة تلقت 180 بحثاً من 180 عالمة عربية هذا العام، مؤكداً أن برنامج «من أجل المرأة في العلم» يشكل منصة يحتاج إليها العالم العربي بشدة، بغية تسليط الضوء على العمل المميز الذي تؤديه النساء العربيات في حقل المعرفة. وتأسس برنامج «من أجل المرأة في العلم» عام 1998، وكرّم أكثر من 1300 باحثة وعالمة من مئة دولة. ويكرم البرنامج العالمات المتميزات من خلال خمس جوائز عالمية. كما يشجع البرنامج الشابات اللواتي يتخذن البحث العلمي مسيرة مهنية، وذلك من خلال 15 جائزة عالمية و180 جائزة وطنية و20 جائزة إقليمية. وإلى القيمة المادية للجوائز، يعد التكريم والضوء المسلطان على نساء العرب القادمات من مجالات البحث العلمي بمثابة رسالة واضحة للفئات التي تحاول جاهدة جذب المرأة إلى الوراء، لكن لسان حالها يقول: «أنا أستطيع وسأثبت أنني أستطيع»! ويقول الأمين: «برنامج هذا العام كان مصدر بهجة لقلوبنا، ليس فقط للأعداد الغفيرة التي تقدمت، ولا للمجالات العلمية المتنوعة التي تعكسها البحوث، وإنما لأن هذه البحوث تجري وتستمر في ظل أوقات بالغة الصعوبة تعيشها المنطقة العربية. فعلى رغم الصعوبات وافتقاد الاستقرار، فإن هؤلاء النساء العربيات الشجاعات أرسلن رسالة مفادها: كل الاحترام للنساء الواهبات أنفسهن لخدمة مجتمعاتهن والعاشقات مجالات عملهن العلمية».