مصطلح الشبوك مصطلح شعبي دارج، يرمز للمساحات التي تُستقطع بوضع اليد، وينمو فيها كل شيء بلا حسيب أو رقيب، يشير المصطلح أيضاً لغياب الرقيب، وانشغال الجهات المسؤولة والمعنية بالمتابعة والمساءلة بمهمات أخرى، يبدأ هذا الرمز الشعبي على صيغة المفرد «شبك»، ثم يقفز في النطاق القريب وبغمضة عين إلى صيغة الجمع «شبوك»، وهو يتحرك في النطاقات المتفرقة شيئاً فشيئاً، حتى يصل لنفس صيغة الجمع المغرية والمذهلة، وتفاءلنا كثيراً بهيئة مكافحة الفساد، وأنها ستفك أغلب هذه الشبوك، ولا نزال متفائلين، على رغم توقف الجهود على السطر المائل والخجول «سطر تلقي البلاغات». التشبيك السعودي يشمل الأراضي البيضاء ومساحاتها الشاسعة أو حتى المنزوية، وهيئتنا الموقرة تتلقى بلاغات الشبوك، سواء كان تشبيك الأراضي من مواطن كبير أم صغير، ولكن خط سير البلاغات يتوقف في الأدراج، أو ينقطع في حضرة الملفات المتراكمة لعدونا الأكبر «فساد». سأكون صادماً وموجعاً حين أعترف بأن المواطن السعودي لا بد أن يحمل على الأقل واحدة من ثلاث شهادات: حسن سيرة و«سلوك»، حسن سيرة و«شكوك»، حسن سيرة و«شبوك»، ونحن نتحدى جل ما يحيط بنا، للوصول إلى أعلى نسبة من حملة الشهادة الأولى، ونحاول فعل المستحيل لإخراج من يقترب من الشهادة الثانية، ونتفاءل بمن يخرجنا من أزمة ومأزق الشهادة الثالثة، ويظل ما نتفق عليه قطعا أننا نتصف بحسن السيرة في مشوار حياتنا، وهو ما يجعلنا نرتبك في ما يأتي بعدها. الواقع يقول إن الهيئة الطيبة المترددة ذات الصلاحيات غير المرنة، تعاني من تنامي المصطلح الشعبي حولها، فالجهات الحكومية تضع بينها وبين الحقائق والأوراق والمستندات المتعلقة بالفساد المالي والإداري ما أمكن من «الشبكات والشبوك»، والمسؤولون يرون أنه لا بد من وضع ما يشبه «الشبك» بين الهيئة ومحاولاتها لكشف الفساد، والهيئة ذاتها بينها وبين تحقيق طموحاتها ورغباتها، جملة «شبوك» لا تملك القدرة على إزالتها، أو الجرأة على إعلانها، ومن هنا تصبح هيئة مكافحة الفساد جهازاً رقابياً، وجدار حماية تم تشبيكه من جميع الجهات وبقدرة قادر، وهي بذلك تتحرك وتدور وتتحمس وتناور وتحقّق، وتفعل ما تظنه جهداً خرافياً وفي الطريق الصحيح، لكن كل ذلك لا يتعدى الشبك الذي يحيط بها. تلقي البلاغات عن أصحاب الشبوك الصغار والكبار، والسعي لإغلاق ملفها الشائك والطويل، مهمة ليست مستحيلة، لكنها تستدعي الجرأة والتحدي، والإيمان بأنها مشكلة قديمة، وليست مولودة، والمولود منها حالياً مولود منزو وضيق وخجول، سنتجاهل - الآن - ما وراء بلاغات الشبوك، وننتظر أن تعلن، ومن ثم تزيل هيئة مكافحة الفساد كل الشبوك المحيطة بها، لأنها عائق تسجيل النجاحات، ومنصات أجنحة الفساد. [email protected] alialqassmi@