هل فقد الذهب جاذبيته وبريقه لدى المستثمرين؟ سؤال طرحه «بنك قطر الوطني» في تقرير أمس، مشيراً إلى أن الأخطار التي «أدت في غالبيتها إلى الارتفاع الشديد في أسعار الذهب في أيلول (سبتمبر) 2011، يبدو أنها تبددت حالياً»، وإلى أن أسعار الفائدة بدأت في الارتفاع، كما ترتفع التوقعات بنمو الأداء الاقتصادي، ما يقلص الحاجة إلى برامج تيسير كمي. كما أن الموازنة العمومية للبنك المركزي الأوروبي تراجعت من 3.1 تريليون يورو في منتصف 2012 إلى 2.8 تريليون حالياً، لكن مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي لا يزال يوسع موازنته العمومية بعد قراره في آخر اجتماع بالاستمرار في سياسة شراء السندات والأوراق المالية المدعومة بضمانات عقارية بمعدل 85 بليون دولار شهرياً. وأكد أكبر المصارف القطرية أن الطلب على الذهب تراجع بنسبة 2 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2012 ليصل إلى 1188 طناً مقارنة ببيانات الربع الثالث من عام 2011، وأن الطلب خلال تلك الفترة ارتفع بقوة لأغراض الاستثمار من القطاع المالي باستثناء المصارف المركزية، في حين أن الطلب على الذهب كمخزون للقيمة تراجع بنسبة 30 في المئة. وفيما رأى أن الطلب من المصارف المركزية والمشتريات من السبائك وعملات الذهب هدفه استخدامه كمخزون للقيمة، أكد أن الطلب عليه لاستخدامه في أغراض الصناعة والمجوهرات ظل ثابتاً. ورأى أن هناك عاملاً آخر يضغط على الأسعار بالدولار هو الارتفاع الطفيف في قيمة الدولار منذ الربع الثالث من عام 2011، وعند ثبات العوامل الأخرى تميل أسعار الذهب إلى التراجع بالمعدل ذاته الذي ترتفع به قيمة الدولار. وأوضح أن أداء أسعار الذهب لم يكن قوياً خلال الفترة الماضية، منذ أن بلغت أسعاره أعلى مستوياتها على الإطلاق في مطلع أيلول 2011 عند 1895 دولاراً للأونصة، ما يشير إلى أن الذهب فقد جزءاً من أهميته. ورأى أن أخطار حدوث مزيد من التراجع في الأسعار تكمن أساساً في قيام المصارف المركزية بتشديد السياسات المالية من خلال تقليص برامج التيسير الكمي وزيادة أسعار الفائدة. وأعاد البنك إلى الأذهان أن الذهب كان من بين أفضل الاستثمارات خلال العقد الماضي، إذ ارتفعت أسعاره من 282 دولاراً للأونصة بداية عام 2000 لتصل إلى مستوياتها الحالية عند 1648 دولاراً، وحقق هذا الارتفاع عائداً على الاستثمارات في الذهب بنسبة 14 في المئة سنوياً مقارنة ب2 في المئة على الاستثمارات في الأسهم المدرجة في مؤشر «ستاندارد أند بورز 500» وما يقارب ال7 في المئة على السندات الأميركية المستحقة بعد 10 سنوات. وكانت أسعار الذهب ارتفعت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 1,895 دولار في 6 أيلول 2011 عندما تزايد اهتمام المستثمرين بالذهب كملاذ آمن وسط أزمتين سياديتين في الولاياتالمتحدة وأوروبا، وقد بدأت هاتان الأزمتان في الظهور في عام 2010 عندما ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 28 في المئة من 1101 دولار في مطلع السنة لتصل إلى 1406 دولارات في نهايته. وأوضح أن هناك تفسيرات متنوعة لعلاقة هذه الأزمات بالارتفاع المفاجئ في أسعار الذهب، منها أن الأزمات أدت إلى زيادة الاهتمام بالأصول التقليدية كملاذ آمن مثل الذهب والسندات الأميركية، وأدى الطلب على الأخيرة إلى ارتفاع أسعارها وبالتالي تراجع العائد منها إلى درجة أن العائد بالأسعار الثابتة أصبح سالباً. هذا الوضع جعل الذهب في وضع أفضل كملاذ آمن مقارنة بالسندات الأميركية، كما يُعتبر عادة من الأصول التي تستخدم في التحوط ضد التضخم نظراً إلى أن قيمته تميل إلى الارتفاع مع ارتفاع الأسعار عموماً.